الطواويس المختالة

لا يمل المسلم من دعوة غير المسلمين للإسلام، أو التحسّر على تأخرهم في الالتحاق به، ويصبح الأمر أكثر إلحاحاً متى كان غير المسلم مشهوراً أو معروفاً، حتى لو كان لاعب كرة قدم من الدرجة الثالثة، ولا تأتي هذه الدعوة للالتحاق بالدين إلا للشعور المتعاظم عند بعض الدعاة بأنهم نماذج تحتذى، ولو كانوا قمّة في الجهل، وجبلاً من السذاجة، فلا شيء في بلادنا يجعل مثل هؤلاء الدعاة مثالاً يقتدى به، خاصة أن تصرفات الكثير منهم لا تدل أبداً على أنهم تلقوا يوماً تربية جيدة، أو تعليماً مميزاً، ولا شيء غير ما يظهرونه من تديّن وما ينطقون به من ألفاظ مكررة ومعروفة، يعتقدون أنها تشكّل جواز مرور إلى قلوب وعقول من يسمعونهم، وتجعل لهم مكانة لدى من يكونون حولهم، وتكون عادة أرفع حتى من مكانة المعلم أو عالم الفيزياء والطبيب، وكل هذا يخلق لديهم شعوراً زائفاً بالرفعة، يمنعهم من رؤية حقيقة وضعهم المزيف والبائس، وأنهم في الحقيقة عالة على العلم وعلى العالم، وهذا الشعور، كما بيّنه كاتب صديق، يحرمه من الغضب والتمرّد الضروري على وضعه، ويمنعه من تطوير ذاته والخلاص من تخلفه.

وعندما ينتقل هؤلاء للعيش في بلاد الغير، التي يصفونها ببلاد الكفار، فإنهم يسعون جاهدين للتمتع بكامل خيرات تلك الدولة، ويسعون في الوقت نفسه، بيقين وثبات وإصرار بات، للتهرب من دفع ما عليهم من ضرائب، أو التزامات، كما لا يترددون في تقديم معلومات خاطئة للحصول على مساعدات مالية أو مساندات اجتماعية من اختصاصيين وغيرهم، ولا ينسون المطالبة بكل أجورهم حسب قوانين الحد الأدنى، وإن كان لهم عمل جانبي فإنهم غالباً ما يوظفون من يعملون معهم بصورة غير قانونية، وبلا ضمان اجتماعي، ولا يعطونهم حتى الحد الأدنى من الأجر. كما يقوم بعضهم، كما نرى حتى في الكويت، وربما في دول خليجية أخرى، بتطليق زوجته، صورياً، لتحصل على المعونة من الحكومة، وربما شقة من بلدية المنطقة، ولا يتردد بعدها في عقد زواجه عليها، سرّاً، وهناك من جماعته من هو على استعداد ليشهد له، شرعاً، بصحة الزواج، ثم ينفش أمثال هؤلاء البشر ريشهم، كالطواويس المختالة، لأنهم يرون أنفسهم «أكثر نظافة وطهارة» من أتباع العقائد الأخرى!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top