قصاصات حائط المبكى

يقوم اليهود، وغالباً المتشددون منهم، بالصلاة أمام حائط المبكى، تتضمن صلاتهم دس وريقات مطوية تحمل ملاحظات بين شقوق الحائط، تتضمن صلوات موجهة للرب، وبإمكان اليهود من خارج بيت المقدس الاتصال بصديق، لتلقي مكالماتهم على الهاتف النقال، ليقوم مستلمها بحشر الجهاز بين الشقوق، لتتلى الصلاة أو الدعاء من خلاله.

يقال إن هذه الظاهرة يعود تاريخها إلى أوائل القرن الثامن عشر، وتنبع من التقليد اليهودي القائل إن الوجود الإلهي يقع على الحائط الغربي. ولكن هناك خلافاً حول ما إذا كان يجوز، وفقاً للشريعة اليهودية، إدخال قصاصات الورق بين الشقوق، لاعتقادهم بأن هذه الممارسات تنتقص من قدسية الجدار.

كما يعتقد آخرون أن هذه العادة تعود إلى حاخامات معينين طلبوا من أتباعهم وضع تلك الأوراق، واعتبارها كتمائم. كما يعتقد البعض الآخر أن السبب المنطقي وراء وضع الملاحظات يعود إلى التعليم المدراشي بأن الوجود الإلهي لم ينتقل أبداً من الحائط الغربي. كما أن هناك تفاسير أخرى تقول إن جميع الصلوات تصعد إلى السماء عبر جبل الهيكل، الذي يتاخم الحائط الغربي، وفقاً للشريعة اليهودية.

وهنك مشكلة تتعلق بكيفية التخلّص من القصاصات الورقية التي تحمل الصلوات، حيث لا يجوز بنظرهم اتباع أية طريقة كانت، وبالتالي هناك اختلاف في الرأي حول هل يجب حرقها أم دفنها؟

وفقاً للحاخام شموئيل رابينوفيتش، حاخام الحائط الغربي، ومؤلف كتاب minhagei hakotel، وهو كتاب عن الحائط الغربي، فإن الحرق يعتبر طريقة «نقية» للتعامل مع هذه الأوراق، لكن دفنها يعتبر أكثر احتراماً لها، فالدفن لا يزيل عنها طبيعتها في كونها رسائل موجهة للرب.

تتم إزالة الوريقات مرتين في السنة، الأولى قبل رأس السنة الهجرية، والثانية في عيد الفصح، حيث يقوم الراباي رابينوفيتش ومساعدوه بجمع الملاحظات من شقوق الحائط ودفنها في المقبرة اليهودية على جبل الزيتون.

من الشخصيات البارزة، التي وضعت قصاصاتها في الحائط، البابا يوحنا بولس الثاني عام 2000، والبابا بينديكتوس السادس عشر عام 2008 وعام 2009، وهيلاري كلينتون، وأوباما قبل أن يصبح رئيساً، وأزيلت ورقته من قبل طالب لاهوت وباعها لصحيفة معاريف، التي قامت بنشرها، وانتقد الكثير حداثة السرقة، لانتهاكها خصوصية متأصلة في الملاحظات الموضوعة على الحائط. كما وضع المرشح الرئاسي الأميركي السابق ميت رومني ورقته، لكنه حرص على وضعها في مكان لا يمكن الاستدلال عليه، لتجنّب تكرار حادث السرقة. وكان ترامب أول رئيس أميركي يضع ملاحظته أو صلاته على الحائط، وشاركه الأمر نائبه حينها مايك بنس!

تمت مؤخراً إزالة الأوراق من على الحائط، من أجل إفساح المجال لوضع غيرها، وكان بينها 20 ألف ورقة من 100 دولة، وارتدى عمّال الإزالة قفازات في عملهم، مستخدمين أدوات خشبية لم تستخدم من قبل، استعداداً لدفن القصاصات، مع الكتب المقدسة البالية. وهناك مواقع إلكترونية يمكن التواصل معها لتلقي الرسائل المرسلة للرب عن طريق حائط المبكى.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top