الإعلام الحقير والفكر الفقير

استغرب الكثيرون الموقف الغربي، بشكل عام، من الأحداث المأساوية الأخيرة التي تجري في غزة، وانحياز مختلف وسائل الإعلام الأوروبية والأميركية لإسرائيل، ورفضها حتى السماح بالتظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في مدنها، ووقوع حالات عقاب وطرد من الوظيفة لأولئك الذين أدلوا بتصريحات، أو أعلنوا صريح آرائهم المخالفة لآراء القنوات التي يعملون بها كمعلقين، أو لسياسات حكوماتهم، أو ملّاك المؤسسات التي يعملون بها، ووصف «معلقونا ومحللونا» تلك التصرفات بأنها نوع من ازدواجية المعايير، ونفاق غربي واضح، متناسين ثلاثة أمور مهمة، وهي أن حكومات هذه الدول ومؤسساتها التشريعية سبق أن أصدرت قرارات وقوانين تصنف «حماس» بـ«الإرهابية»، ولم تعترض أية جهة على التصنيف، لا حينها ولا بعدها، وبالتالي فإن كل فعل عسكري يصدر عن «حماس» يصنف، من وجهة نظرهم، كعمل إرهابي، يتطلب الإدانة.

الأمر الآخر يخص أيضاً أغلبية منتقدي وسائل الإعلام الغربية، واتهامها بالتحيز وانعدام المصداقية، لكنهم لا يترددون لحظة في الإشادة بها إن هي أكدت وجهة نظرهم، فتصبح تلك الوسائل، في طرفة عين، صادقة، بعد أن كانت كاذبة.

والأمر الثالث المهم جداً أن هؤلاء المنتقدين نادراً ما يلتفتون إلى وجهات نظر أو المواقف الإنسانية والبطولية لعدد الكبير من كبار مفكري الغرب، وبينهم نسبة كبيرة من اليهود، وحتى من الإسرائيليين، الذين طالما وقفوا مع الحق الفلسطيني، ومع الكثير من قضايانا، لكن لم يلقوا يوماً أي تقدير أو التفاتة منا، وسبق أن كتبت مراراً عن هذا التجاهل، وكأننا نعتبر ما قاموا به واجباً عليهم، ولا يستحقون عليه حتى كلمة شكر!
***
يقول الإسرائيلي يوفال هيراري، وهو مؤلف الكتب الأكثر مبيعاً في مجال العلوم، إنه لا يمكن إعادة الموتى إلى الحياة، ولن تُشفى الصدمات الشخصية تماماً أبداً. ولكن يتعيّن علينا أن نمنع المزيد من التصعيد. فالصراع يقوده حالياً «متعصبون دينيون»، وهذا يجعل أمر الصلح والتفاهم صعباً جداً، وعلى القوى الخارجية التدخل لتهدئة الصراع.

أما أوري أفنيري، الصحافي وكاتب وداعية السلام الإسرائيلي، فقد كان من أوائل من وقف مع الحق الفلسطيني، وكذلك فعل الكاتب الإسرائيلي الكبير الراحل عاموس عوز، صاحب فكرة حل الدولتين، ومؤلف «في أرض إسرائيل». وهناك يوسي بيلين، السياسي الإسرائيلي السابق، وجدعون ليفي، الكاتب في «هآرتس»، المدافع القوي عن الحق الفلسطيني. وتسفيا غرينفيلد، عضو الكنيست، المعروفة بمواقفها المتعلقة بحقوق الإنسان والقضية الفلسطينية.

كما أن هناك المؤرخ البريطاني اليهودي آفي شاليم، وإيلان بابي، أستاذ التاريخ في الجامعة العبرية، في القدس، ومئات غيرهم من مستنيري الفكر، وأحرار العالم، هذا بخلاف منظمات إسرائيلية عدة معنية بحقوق الإنسان، التي طالما دافعت عن حقوق الفلسطينيين، داخل إسرائيل وخارجها، وبينهم مقاتلون إسرائيليون سابقون، سبق أن رفضوا المشاركة في أي حروب.
***
قامت الحكومة مشكورة بالموافقة للجمعيات الخيرية بتنظيم حملة جمع تبرعات لإغاثة أهالي غزة المنكوبين.

ولجعل الاستفادة أكبر، كما سبق أن طالبنا والزميل خالد البحر، فإنه على الحكومة منع الجمعيات من استقطاع نسبة «القائمين عليها»، خصوصاً أن منكوبي غزة أحق بتلك الأموال من الجمعيات!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top