السيد الرئيس.. والسيدة ثاتشر

«.. لو وضعنا جدولاً يبيّن أعلى الدول امتلاكاً للثروات، لجاءت روسيا في المرتبة الأولى، لكن غنى الدول لا يُقاس بما تمتلكه من ثروات، بل بما تمتلكه حكوماتها من رؤى وقدرة على خلق سياسات تشجّع المواطنين على الإبداع وعلى خلق المبادرات، وإعادة صياغة رغبة المواطنين تقديم الأفضل لأسرهم..»!

(مارغريت ثاتشر 1925–2013، صاحبة الفضل الأكبر في تشكيل التحالف الدولي، الذي أنقذنا من براثن المجرم صدام، وأفضل رؤساء بريطانيا في القرن العشرين).
* * *
عندما كنت أعمل في البنك، كنا نتجنب تقديم تسهيلات وقروض مصرفية لمن يمتلكون ثروات هائلة، إلا مقابل ضمانات تعادل ضعف مبلغ القرض. وكنا نلجأ لهذا الخيار عادة، إذا تبيّن أن طالب القرض لا يمتلك القدرة على إدارة أمواله بطريقة حصيفة، بالرغم من امتلاكه لثروة كبيرة. كما كنا، في الوقت نفسه، نقدم قروضا لغيرهم، دون ضمانات غالباً، لعلمنا بأنهم على معرفة تامة بما يقومون به، ولديهم الخبرة والدراية، مع عدم امتلاكهم للثروة الكبيرة، فمن يمتلك الإدارة الجيدة، أو الحكومة المميزة، أهم وأبقى ممن يمتلك الثروة ولكن يفقتد الحصافة، وأمامنا الكثير من الأمثلة، في دولنا، ومع الغير. فروسيا، مثلا، هي الأغنى عالميا بثرواتها الطبيعية من نفط وغاز وفحم وألماس وبلاتينوم وذهب وفضة، ومع هذا لم ترقَ لأن تكون يوماً في مصاف الدول الغربية. بينما اليابان، ومثلها سنغافورا، التي بالكاد تمتلك ثروة طبيعية، حققت معجزات اقتصادية عظيمة، وبقيت الاقتصاد الثاني في العالم لعدة عقود، وتمتع شعبها بازدهار ومستوى معيشة مميز، وحققت كل مكاسبها بسبب «الحكومة»، التي تحدثت عنها عزيزتنا الراحلة مارغريت.
* * *
يمتلك الشيخ محمد الصباح فرصة عظيمة ستخلّد ذكراه في تاريخ الأمة للأبد، إن أحسن استغلالها، فهو يمتلك العلم والخبرة والسن المناسبة لتولي قيادة الحكومة، ويدير دولة يفترض أنها الأسهل حكماً بين كل مجموعة العالم الثالث، وبإمكانه إعادتها لعصرها الذهبي، لكن لا يمكن تحقيق ذلك بغير التمسك بمتطلبات التقدم والنهضة، وبغير الانفتاح الحضاري والعلمي على العالم، ورفض التخلف الفكري المتمثل بالتشدد الديني، الرافض لأي انفتاح أو تعديل مناهج المدارس البالية، ورفض الآخر، وهذا ما نجحت الأحزاب الدينية في فرضه علينا طوال نصف قرن أو أكثر.

لقد حذَّر الكثيرون من خطر الإخوان، فهدف هؤلاء أبعد من تعيين مناصر هنا، وتأسيس جمعية خيرية هناك، وإيصال عضو للمجلس، وجمع بضعة ملايين للتنظيم العالمي، وكان من هؤلاء الأمير تركي الفيصل الذي حذّر، وغيره من كبار السياسيين السعوديين، من خطر الإخوان وأطماعهم في الحكم.

كما كان للراحل الشيخ سعود الناصر، أحد فرسان معركة تحرير الكويت، دور مهم في فضح مخططاتهم، عندما كانت الكويت تنزف دماً، ويموت أبناؤها بسلاح شراذم صدام، حيث كانوا يلتقون به ويعقدون الصفقات معه، ولولا ما نشب بينهم حينها من خلافات لكان الوضع مختلفاً، لكن لم يستمع أحد لتحذيراته، وكادت الكويت أن تضيع خلال أحداث الربيع العربي «الفاسد»، لولا حكمة الأمير الراحل صباح الأحمد، فهل سنستمر في دفن رؤوسنا في الرمال؟
* * *
حسناً فعل رئيس مجلس الوزراء بعقد اجتماعات الوزارة في الفترة المسائية، ليتفرغ الوزراء لأعمال وزاراتهم.. صباحاً!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top