نهاية مجرم.. ونهاية رخاء دولة ثرية

مات مؤخراً عزيز صالح النومان الخفاجي، عن 82 عاماً، وكان يرمز له بـ«ملك الماس» بورق اللعب لأكثر المطلوبين خطرًا للقوات الأمريكية، والشخصية العاشرة في قائمة المطلوبين من وزارة الدفاع الأمريكية، وبموته تقلص عدد هذه المجموعة المجرمة، الذين ما زالوا على قيد الحياة، منذ حرب 2003 إلى أربعة. فقد شُنق صدام عام 2006، وقُتل ابناه، عدي وقصي، في معركة مع القوات الأمريكية، في 2003، وشُنق عبد حمود سكرتير صدام عام 2012 ومات الباقون.

ولد عزيز صالح النومان في الناصرية، وعين محافظاً لكربلاء من 1976 إلى 1979 والنجف من 1979 إلى 1986، واضطهد أهاليها ونكل بهم، وهو الذي ينتمي لنفس مذهبهم، وكان له الدور الأكبر، بعد صدام في التنكيل بأهالي المدينتين خاصة خلال الحرب الإيرانية – العراقية، ثم تالياً خلال انتفاضتهم عام 1991، بُعيد انتهاء حرب تحرير الكويت. وكان له دور في عمليات عسكرية فقد فيها عشرات الآلاف حياتهم، بخلاف الملايين الذين تركوا بيوتهم خلال العملية الوحشية التي تعلقت بتجفيف الأهوار في حوض دجلة والفرات.

بعد تركه لمنصب محافظ الجنوب، تم تعيينه وزيراً للزراعة والإصلاح الزراعي، وهو المنصب الذي شغله بين عامي 1986 و1987. وخلال غزو واحتلال الكويت عينه صدام حاكماً عسكرياً لها، خلفاً للمجرم الآخر علي حسن المجيد، أو علي الكيماوي، الذي نال لقبه لاستخدامه الغاز السام في الحملة ضد أكراد بلدة حلبجة عام 1988.

على الرغم من أن قِصر فترة سيطرته على الكويت، والتي لم تستمر لأكثر من أشهر ثلاثة، فإنها شهدت التدمير الأكبر في الأرواح والبيئة والممتلكات، حيث قام، قبل مغادرته الكويت للأبد، بإشعال النيران عمداً في مئات آبار النفط، انتقاماً لفشله وفشل رئيسه المجرم في الخضوع للإرادة الدولية، والعدالة الإنسانية.

على الرغم من شراسة النومان وتعدد جرائمه، أو ربما بسببها، عينه صدام رئيساً للقيادة الإقليمية لحزب البعث الحاكم، والمسؤول عن غرب بغداد. وبعد حرب 2003 تم القبض عليه في مايو من نفس العام مختبئاً في منزل شقيقته، وكان يتصدر قائمة المطلوب القبض عليهم. ويعتقد أنه رحّل لسجن في الولايات المتحدة، ثم أعيد للعراق، وسجن مع أربعة آخرين، اثنين من إخوة صدام غير الأشقاء، ووزير دفاع سابق وجنرال سابق.

حوكم النعمان وأدين وصدر عليه بالإعدام، لكنه ظل رهن الاحتجاز حتى وفاته في سجن أبو غريب، القريب من العاصمة والذي اشتهر خلال حرب العراق بعد كشف انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها بعض جنود الجيش الأمريكي.
* * *
يستحيل تصور حجم الدمار المعنوي والبشري والمادي الذي خلفه صدام، الجبان الذي اختار التخفي في حفرة في الأرض، ومع هذا يصفه الكثيرون بالبطل، غير مدركين أن ما تسبب به حكمه سيبقي العراق مهدماً اقتصادياً ونفسياً وروحياً، لعقود طويلة قادمة!
* * *
ملاحظة: نشكر معالي وزير الإعلام، الأستاذ عبدالرحمن المطيري، ومسؤولي جهاز المراقبين الماليين، لجميل تجاوبهم السريع لما تطرقنا له في مقال أمس عن المشكلة التي واجهت دار الآثار الإسلامية في ما يتعلق بأنشطتها الثقافية والفنية.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top