معاليك.. قلل حجم المأساة

لو سألت أي مواطن أو مقيم عما يثير غيظه وأحيانا هلعه، خارج بيته وعمله، لقالت الغالبية ان قيادة المركبة في شوارع الكويت، خاصة على الطرق السريعة والخارجية، تشكل هاجسا حقيقيا لها، ومصدر مضايقة ورعب لدى البعض. وهذه حقيقة يعرفها المسؤول كما المواطن، وهي مشكلة أخلاقية، قبل ان تكون قانونية أو إجرائية، ويتطلب الأمر الكثير من الحزم للسيطرة على فوضى قيادة المركبات التي تسببت بها سنوات من الإهمال الحكومي والتراخي في ضبط الأمور، والخضوع لتدخلات النواب، ولم يكن غريبا عجز الداخلية لسنوات طويلة عن إقرار قانون المرور، الذي تضمن تغليظا واضحا لعقوبة المخالفات والاستهتار بأرواح الناس، والسبب الذي كان أغلب النواب يتحججون به في رفض الموافقة على القانون هو عدم رغبتهم في تحميل المواطن أعباء مالية كبيرة، وهذا لعمري عذر أقبح من ذنب، ويشبه القول بأن على المواطن عدم إقفال باب بيته، لتسهيل سرقة محتوياته من اللصوص! فمن الواضح أن من رفضوا قانون المرور كانوا على علم بأن غالبية المخالفات عادة ما يرتكبها أبناؤهم، وتغليظ العقوبات المالية يعني أنهم سيضطرون، في نهاية الأمر، لدفعها من جيوبهم!

يقول المثل «لا تسرق... لا تخاف»، وهذا يعني أن تغليظ العقوبات لا يعارضه إلا من ينتوي ارتكاب المخالفة، أو لديه ميل «شبه فطري» لارتكابها، وعملية تغليظ العقوبة ليست أمرا مقتصرا على الشعوب المتخلفة، بل طبق حتى في أكثر الدول رقيا، فهناك نسبة كبيرة من البشر لا تتعلم إلا إن ضربتها على محفظتها المالية! وهذا تفسير المثل المصري العريق «ناس تخاف.. ما تختشيش»!!
* * *
يبدو واضحا أن الإدارة العامة للمرور، لأسباب يطول شرحها، أصبح بغير مقدورها، بكوادرها الحالية، وضع حد لهذا الكم من مخالفات السرعة العالية والوقوف الخطأ والتجاوزات الخطرة وعدم الاكتراث بصلاحية المركبة، وعدم استخدام أضواء السيارة ليلا، أو استخدام إشارة تغيير الاتجاه، وعدم الاكتراث بربط الحزام وغيرها من المخالفات. وعليه نقترح على وزير الداخلية المميز في قراراته الإصلاحية، النظر في المقترحات التالية:

الاستعجال في إصدار قانون المرور بمرسوم، فهو جاهز بكل تفاصيله.

الاستعانة بالقطاع الخاص للقيام بمهمة تحرير مخالفات ممنوع الوقوف، بكل أنواعها، فمن غير المجدي تكليف دوريات الشرطة بهذه المهمة الروتينية، علما بأن العائد من تطبيق هذا المقترح سيكون كبيرا للخزانة العامة، وسينتج عنه انخفاض هائل في عدد المخالفات. مع ضرورة قصر العمل في الشركة على المواطنين، من عمر معين، وعلى فئة المقيمين بصورة غير قانونية، من الجنسين.

كما يتطلب الأمر زيادة كاميرات المراقبة على مختلف الطرق، وعلى التقاطعات، وإبلاغ السائقين بمخالفاتهم على هواتفهم النقالة، ساعة وقوع المخالفة، لتشكل رادعا فوريا.

دراسة تكليف بين 200 إلى 300 مواطن، ممن تنطبق عليهم شروط دقيقة وصعبة، للقيام بمهمة مساعدة الشرطة في مراقبة مخالفات الطرق، وهي طريقة متبعة في دول عدة.

مع ضرورة الطلب من دوريات المرور وغيرها التوقف عن استخدام الفلشرات، إلا إذا كانت في مهمة تحرير مخالفة أو مطاردة ما. فالإفراط في استخدامها أصبح مصدر إزعاج، وقلل في الوقت نفسه من معناها بوجود أمر يتطلب توسعة الطريق لمركبة الشرطة.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top