متى ينتهي مسلسل انتهاك الأخلاق في الجمعيات؟

شارك جميع وزراء الشؤون في إحالة مجلس إدارة جمعية تعاونية أو أكثر للنيابة أو التحقيق. في البداية كان الأمر مقتصرا على جمعيات مناطق معينة، ولكن الوباء شمل البقية، داخليا وخارجيا، وأتمنى سماع اسم جمعية لم ينلها قسط من الفساد وإقالة مجلس الإدارة أو إحالة عضو أو أكثر للنيابة، فجمعية داخلية شهيرة، والتي كانت تعتبر مثالا وقدوة، أحيلت مجالسها للقضاء مؤخرا، وأصبح مسلسل سرقة أموال الجمعيات، وأحيانا بعشرات الملايين، عملية شبه روتينية ومملة، ولا يبدو أن هذه التجاوزات المالية والإدارية وشبهات الإضرار بأموال المساهمين ستتوقف قريبا، والسبب لا يعود فقط لخراب ذمم من يشرفون عليها، ولا لانتشار الفساد في غالبية مرافق الدولة، بل وأيضا للعوار الكامن في فلسفة الجمعية التعاونية، وقانون إنشائها، فهي مهيأة، بصورة تلقائية، لأن تكون مفسدة لذمم من يديرونها، لأنها هيكل مالي ضخم لا يمتلك فيه المواطن، ابن المنطقة، والمالك الحقيقي لها، غير مساهمة مالية بسيطة، وعلى غير استعداد للتعرض لـ «عوار الراس»، ومراقبة مجلس إدارة الجمعية من أجل 100 دينار مثلا.
* * *
تبلغ المبيعات السنوية للجمعيات التعاونية مليار دينار، وهذا كفيل بإسالة لعاب أصحاب الذمم النائمة، وما أكثرهم بيننا، خاصة أن الرقابة المالية الفورية شبه غائبة عن هذه المؤسسات، لضعف هيكلية مالكيها من سكان المنطقة. وهنا أيضا نجد أن غالبية، إن لم يكن كل مجالس إدارات هذه الجمعيات، من المؤمنين، ظاهريا على الأقل.

ما يسري من خراب ذمم مجالس إدارات الجمعيات التعاونية يطول أيضا مجالس إدارات الجمعيات الخيرية، وما أكثر أموالها وأقل صرفها، مع شبه غياب الرقابة الداخلية القوية عن غالبيتها. وجميعها تقريبا لم تسلم من مخالفة تطلبت لفت نظر، مرورا باكتشاف بلغ الملايين وصولا للمليارات، على مدى أكثر من نصف قرن.

على الرغم من عدد الجمعيات الخيرية، التي تتشابه تماما أهداف تأسيسها، وهي ليست بالقليلة، فإن هذا يثير أكثر من علامة استفهام عن السبب، وهو موجود أعلاه؟ وعلى الرغم من وضوحه فان لا جهة رقابية أو تنفيذية عليا ترغب في إقلاق راحة المسؤولين عن هذه الجمعيات المتنفذة، علما بأنها جميعا تقريبا تدار من مجالس إدارات محسوبة كليا على أحزاب دينية مسيسة، بخلاف عدد قليل منها لا يذكر. والسبب معروف، فهؤلاء شبه حصانة، وذممهم غالبا «بارية»، وحبهم لعمل الخير والاستفادة الشخصية من القيام به، معروف، وهذا الكلام لا يشمل بعض المبرات! ولا أدرى ما الذي يمنع غير المنتمين لأحزاب سياسية دينية من الإقدام على تأسيس جمعيات خيرية، طالما أنهم أثبتوا، أكثر من غيرهم، استقامة وأمانة أكبر في إدارة أية مؤسسة، كما أديرت جمعية الخريجين، ورابطة الاجتماعيين والادباء، وغيرها.
* * *
نتقدم لأسرة الخالد الكرام بأحر التعازي القلبية بوفاة الصديق فيصل عبدالرزاق الخالد.

لذويه الصبر وله الرحمة.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top