حكايتي مع «الخيرية الإسلامية» و«الإصلاح الإخوانية»

كتبت في مايو 2019 مقالا ذكرت فيه أن الجمعيات الخيرية، والسياسية منها بالذات، نجحت على مدى نصف قرن في جمع تبرعات قدّرتها بخمسين مليار دولار. توصلت للرقم من واقع خبرتي المصرفية، ومن إجابة برلمانية تلقاها النائب السابق أحمد الفضل من وزير الشؤون، بينت أن 6 جمعيات خيرية فقط نجحت في جمع ما يزيد على 716 مليون دينار (2.5 مليار دولار)، في الفترة من 2012 إلى 2016، فما بالك بما جمعته كل الجمعيات على مدى أكثر من نصف قرن؟ ولو دققنا لما وجدنا أي أثر حقيقي، لا محليا ولا خارجيا، لتلك الأموال، بحيث يستحق الإشادة به!
* * *
كما كتبت مقالا انتقدت فيه ضعف الرقابة في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، الجمعية الأكثر تخمة بالأموال، وكيف أن وزارة الأوقاف، حسب قانون تأسيس الهيئة، هي التي تراقب أعمالها، وهي التي تحتاج لمن يراقبها. لذلك قام مجلس إدارتها بتعيين وكيل، «بزاته» عضوا فيها، فأصبح الخصم والحكم، تحت سقف واحد، ولم يكن غريبا بالتالي ما نجم عن ذلك من إساءة ذلك العضو لصلاحياته، في ظل غياب الرقابة، تماما تقريبا، على أعمالها، فقام بتصرفات أضرت بمصالح الهيئة، فأدين وحكم عليه بالسجن ودفع غرامة مالية كبيرة.

لم يعجب الهيئة ما كتبت فقامت برفع قضية في المحاكم، لكن نيابة الإعلام قررت في أبريل 2024 حفظ الشكوى، بسبب التقادم، أي عدم رفعها ضمن المهلة القانونية! تظلمت الهيئة من قرار الحفظ، فحكمت المحكمة الكلية بصحة قرار النيابة، وتأكيد سقوط الشكوى بالتقادم، مع تأكيد الحكم على أن مقالاتي خلت من جريمة المساس بكرامة الاشخاص، ولم تتضمن أية ألفاظ شائنة أو ماسة بكرامة الأفراد، وأيدت قرار حفظ القضية.

من جهة أخرى، وفي قضية مختلفة أيدت محكمة الاستئناف، حكم محكمة أول درجة القاضي برفض الدعوى المرفوعة من رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي خالد المذكور ضد برنامج «الصندوق الأسود» وذلك لسقوط حق الجمعية في الدعوى، وأيضا بالتقادم الحولي، تأسيساً على مضي سنة من النشر، تطبيقاً لقانون المطبوعات، كما ألزمت الشاكي بدفع مئة دينار مقابل أتعاب المحاماة. وكانت الجمعية قد قدمت دعواها على خلفية استضافة برنامج «الصندوق الأسود» في إحدى حلقاته الكاتب فؤاد الهاشم، معتبرا أن ما جاء في حديثه يتضمن إساءة بحق الجمعية وأنشطتها. وأكدت المحكمة، في حيثيات الحكم، صواب حكم محكمة أول درجة.
* * *
نجد من المثالين أعلاه، أن مجلسي إدارة أكبر جمعيتين خيريتين، ربما في العالم الإسلامي، مالا ورجالا وخبرات وتاريخا، فشلوا في حفظ الحقوق التي اؤتمنوا عليها، وفرطوا في فهم أبسط الأمور، بتقاعسهم الواضح عن رفع الدعاوى في الوقت المناسب، فإذا كانوا بكل هذا العجز عن فهم البسيط من الأمور القانونية، بالرغم من العدد الكبير من المستشارين العاملين فيها، فكيف يمكن الثقة بالطريقة التي يديرون بها مئات ملايين الدنانير التي تقع تحت أيديهم؟

نعود ونحذر، بشكل عام، من خطورة استمرار قيام جهات «خيرية» ضخمة بأداء عملها في شبه غياب أية رقابة حقيقية على أعمالها.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top