«آني أخو الراقصة لهاليب»

ولد الكاتب العراقي يونس حنون في عام 1958 وعمل طبيب أمراض باطنية، وللشك في ولائه لنظام صدام صدر أمر بمنعه من السفر حينها. وبعد انهيار حكم حزب البعث بدأ في الكتابة النقدية والساخرة، ولكن جهات متطرفة عدة طلبت منه التوقف عن الكتابة وإلا تعرض لتصفية جسدية، فهرب بجسده وعقله من الأحزاب الدينية ليعيش متخفيا في العاصمة الأردنية! ويمكن الإطلاع على مقالاته في موقع «الحوار المتمدن»!
كتب يونس حنون مقالا بعنوان «والله العظيم آني كافر» روى فيه قصة قريب له قبض عليه في عهد صدام بتهمة «التدين العلني»، أي الصلاة علانية كلما رفع الأذان! ومن كان في مثل وضعه وقتها كان يتهم بأنه إما تابع لحزب الدعوة وإما منتم للإخوان المسلمين، وكلا الانتماءين كان كفيلا بإرسال صاحبه للآخرة بتذكرة «ون وي». وقال ان قريبه أرسل للمعتقل وهناك سأله المحقق عن صحة التهمة فرد قائلا: سيدي صدقني، والله العظيم آني كافر!! فضحك المحقق من المفارقة في كلامه وتأكد بعدها أن التهمة ملفقة وأنه بريء، وأطلق سراحه، ولكن ليس قبل أن ينال «بسطة عراقية» مرتبة تخللتها بضع لكمات في المعدة وما تحتها و..، وإهانة كرامته، لكي يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على أي أمر يسيء للنظام.. إلى آخر المقال الطريف الذي يروي فيه طريقة معيشة قريبه بعد خروجه حيا من الاعتقال والتحقيق! وقد ذكرني عنوان مقاله المتناقض بنكتة قديمة عن رجل تورط في حادث مرور وما ان ترجل من مركبته حتى بدأت المعركة الكلامية بين الطرفين، وما ان بدأ التشابك، حتى توقف فجأة صاحب السيارة الثانية عن الصياح وتفرس في وجه صاحبنا متسائلا: «لحظة.. بالله عليك، ألست أنت أخو الراقصة «لهاليب»؟ وما ان سمع صاحبنا هذه «التهمة» حتى بدأ بلكم الآخر وتمزيق ملابسه دفاعا عن شرفه! تدخل هنا شرطي وسأل عن القصة، وأثناء قيام صاحبنا بالشرح قاطعه الشرطي متسائلاعما اذا كان هو شقيق الراقصة «لهاليب»! فاستشاط هذا غضبا وخرج الشرر من عينيه على الإهانة، ووجه لكمة قوية لأنف الشرطي الذي بدأ ينزف، وتصادف وقتها مرور ضابط دورية ففرق الجموع وسأل عما يجري، فبدأ صاحبنا بشرح طريقة وقوع الحادث وكيف أن خصمه والشرطي اتهماه بأنه(..) وهنا قاطعه الضابط وسأله عما إذا كان هو شقيق الراقصة «لهاليب»؟ فلم يتمالك صاحبنا نفسه ووجه لكمة قوية الى بطن الضابط الذي سقط على الأرض يتلوى من الألم، فتدخل جنود الدورية واعتقلوا الرجل ورموا به في السجن. وهناك سأله مأمور السجن عن تهمته، فقام هذا بشرح مشكلته، فقاطعه المأمور متسائلا عما إذا كان أخا أو قريبا للراقصة «لهاليب»؟ فلم يتمالك هذا نفسه من تسلق مكتب المأمور والقفز عليه يريد الفتك به، فتدخل الحراس وأشبعوا صاحبنا لكما ورفسا في كل أنحاء جسمه ورموه في زنزانة انفرادية ليبقى فيها إلى الأبد بعد حرق ملف قضيته!
مرت على صاحبنا سنوات وهو في معتقله، طالت لحيته خلالها بشكل كبير. وفي أحد الأيام سرت إشاعة بأن الحكومة تنوي القضاء على الجماعات الدينية، ولصعوبة التفريق بين المتهم والبريء منهم، قررت، اختصارا للوقت والجهد، إعدام كل صاحب لحية طويلة. لم يهتم صاحبنا بالخبر، فمن في السجن سيبقى في السجن، ولكن في فجر يوم تعيس اقتحمت القوات الخاصة السجن وبدأت بجرجرة كل صاحب لحية طويلة وكان من بينهم صاحبنا الذي سمعه الجميع وهو يصيح: «يا جماعة آني مظلوم، ما إلي دخل بالجماعات الدينية، اسألوا عني، آني أخو الراقصة لهاليب»!!

الارشيف

Back to Top