حلم ليلة صيف

بناء على معطيات محددة، فمن المتوقع ان اعيش حتى التسعين من العمر، وربما بعد ذلك بقليل، وهذا يعني ان امامي 9000 يوم قبل ان افنى الى الابد، وحيث انني اقرأ يوميا ما معدله خمس صحف، اي 45 الف صحيفة حتى بلوغ التسعين، فإن كل ما احلم به قبل ان اموت، ان افتح عيني صباحا، ولا اقرأ خبرا عن كشف محاولة تهريب هواتف نقالة، او بطاقات اتصال او مخدرات إلى داخل السجن المركزي، وان المتهم عسكري في الداخلية.
وكم اشتهي ان يمر اسبوع واحد، ولا اقرأ خبرا عن القاء القبض على عاطلين مساكين بتهمة ادارة «مصنع» خمور، واحلم بوقوع نظري على خبر يبشر بالقضاء على الرشوة في البلدية. كما اتمنى ان افتح الصفحة الاخيرة لصحيفة محددة، ولا تصدم عيني اخبار جرائم شرطة المخافر مع نزلاء النظارة، وقصص الاعتداء، او التناوب في الاعتداء عليهن، او عن جرائم خطف الاحداث، والاعتداء عليهم في الصحراء، او ان تجارة الاقامات قد اصبحت شيئا من الماضي، وان المتاجرة ببيع الاعلاف المدعومة قد تم القضاء عليها، وان بيع المواد الغذائية المدعومة من الدولة اصبح في خبر كان، وان الصحف تقول بأن ظاهرة تحويل زرائب الماشية إلى منتزهات ومخازن قد قضي عليها، وتوقفت الى الابد جرائم الاعتداء على املاك الدولة، سواء في المزارع او البحر او عن طريق بناء المخالف من مساجد الشينكو.
آه كما اتمنى فتح جريدة، في دولة المليون مواطن، والتي يزيد دخلها على الستين مليار دولار، واجد ان مخالفي قوانين الاقامة قد اصبحوا بالمئات، بعد ان كانوا طوال نصف قرن بمئات.. الآلاف، وان هم نواب المجلس اصبح التشريع والرقابة، وليس قصات شعر الشباب والجنس الثالث وعبدة الشيطان، واللف على مكاتب الوزراء والوكلاء للحصول على تواقيعهم للمخالف من المعاملات، وان لجنة الظواهر السلبية، قد تغيرت فلسفتها تماما، واصبحت مسؤولة عن السلبي من تصرفات النواب انفسهم، وان التعامل بقضايا الاعتداء على موظفي الدولة، من قبل اعضاء المجلس، قد اصبح شيئا من الماضي، وان نائبا جرد من حصانته، وحكم عليه بالسجن لاعتدائه بالقول، والقول على موظف عام، وان اعداد مزدوجي الجنسية قد اصبح بالعشرات، بعد ان كان في يوم ما يزيد على المائة الف.. «مواطن»! وان مستوى المعيشة في مناطق سكن العمال قد اصبحت مقبولة، وان مناطق السكراب تحت السيطرة، ولم تعد موطنا للفارين من وجه العدالة، ولا منطقة لارتكاب الجرائم، وان قضايا ومشاكل البدون اصبحت شيئا من الماضي، بعد ان تمت تسوية اوضاعهم جميعاً! وان قرارا صدر من البرلمان منع السكن في بيوت الصفيح.
اكتب كل ذلك بعد ان صدمت لقيام اكثر من 3000 مواطن بصورة مباشرة او غير مباشرة، بتأسيس 1200 شركة بطريقة غير قانونية، ومن دون رأسمال، ولا مقر ولا وجود فعلي، وتمكنوا عن طريق هذه الشركات الوهمية من جلب عشرات الاف العمال، مقابل قبض مبالغ مالية كبيرة منهم، ومن ثم رميهم في الشارع من دون وازع من ضمير او خلق، في دولة توجد فيها اعلى نسبة مساجد ودور عبادة في العالم اجمع! وقد حدث كل ذلك بتواطؤ واضح من جهات حكومية، فكيف يمكن ان تصدر وزارتا الشؤون والداخلية عشرات آلاف الاقامات على شركات وهمية؟ اين جيش المفتشين الدائم الزيارة لمكاتبنا؟ اين الاخلاق؟ اين الشرف والتدين اللذان يدعي كل هؤلاء المزورين والمخربين والمتآمرين امتلاكهما؟
اقول ذلك وانا على ثقة انني سأموت، ولو طال العمر بي حتى المائة، وجميع هذه القضايا والجرائم والاوضاع البائسة ستكون على ما هي عليه، وربما هذا ما نتمناه، فتطور الامور إلى الاسوأ هو الاكثر احتمالا!
***
* ملاحظة: عنوان المقال مقتبس من مسرحية للشاعر وليم شكسبير او شيخ الزبير، وفق ترجمة العقيد القذافي لاسم الشاعر الانكليزي.

الارشيف

Back to Top