كيف نصطاد السمك؟

قرار الحكومة بإلقاء كرة زيادة الرواتب في ملعب مجلس الامة قرار خاطئ من الوجوه كافة، فالنتيجة معروفة مسبقاِ ان نوابا على مثل تلك الشاكلة لن يترددوا، ليس فقط في اقرار اي تصور يتعلق بالزيادة، بل سيتعدى الامر الى المزايدة، واقرار زيادة اعلى من المقترح، وهذا امر كارثي بكل المعاني من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعيةِ فتلك الزيادة ستمتصها نوافذ استهلاكية محددة وستتسرب من ايدي الموظفين كتسرب المياه في الرمال الناشفة، وسيلعب العامل النفسي دورا خطيرا في دفع الكثيرين لصرف عشرات اضعاف الزيادة على سلع استهلاكية لا يحتاج اليها.
ان اقتراحات صرف الفوائض المالية بطريقة رشيدة اكثر من ان تحصى وكلها تصب في نهاية الامر في صالح المواطن وابنائه واحفاده مستقبلا.
وفي كل الاحوال، يجب الا يختلف تصرف الحكومة مع هذه الفوائض عن تصرف الانسان الراشد مع ما يأتيه من مال بصورة غير اعتيادية.
ومن هذا المنطلق، فانه من الخطأ اقحام اعضاء مجلس الامة، بغالبيته المنشغلة بهوامش الامور، في قرار استثماري بحت يكون عادة من اختصاص اجهزة مالية ذات كفاءة عالية.
ومن الاقتراحات الجديرة بالدراسة ما ذكره النائب عبدالوهاب الهارون، من مطالبة للحكومة بتحويل تلك الفوائض الى صندوق احتياطي الاجيال سدادا لديون الحكومة الهائلة لذلك الصندوق الذي قامت طوال السنوات الماضية بالسحب منه دون وجه حق!
كما يمكن عن طريق هذه الفوائض خلق مجتمع رأسمالي مؤمن بقيم الاستثمار والادخار، وتكوين وعي، ولو بسيطا، لدى الغالبية للاهتمام بمستقبل ابنائهم واحفادهم، وذلك باسلوب مبتكر يتمثل في قيام الحكومة ببيع حصص كبيرة من ملكياتها، سواء في الاسهم المحلية او الدولية، او في المرافق الاساسية المدرة، بأسعار متدنية لاكبر شريحة من المواطنين، ان لم يكن لهم جميعا، ومنعهم من التصرف بهذه الملكيات، بالبيع او الرهن تحت طائلة المصادرة، لفترة لا تقل عن عشر سنواتِ وبذلك يمكن خلق قاعدة عريضة من مالكي الاسهم المدرة التي يشكل امتلاكها، والاستمرار في الاحتفاظ بها، موردا ماليا كبيرا لمئات آلاف الاسر، التي لن تستفيد حتما من زيادة لا تزيد كثيرا عن سبعة دنانير على الراتب الشهري لغالبية موظفي الدولة.
ان نعلم المواطن كيف يصطاد السمك خير من اعطائه سمكة صغيرة كل شهر!

الارشيف

Back to Top