ميئوس ميئوس منه يا ولدي

استرعت فقرة في مقال كتبناه قبل ايام عن موضوع الصعوبة التي واجهت بعض الاوروبيين عند محاولتهم دخول الكويت لاقامة ندوة عن تكنولوجيا اكتشاف الخلل في انابيب المياه المدفونة، انتباه القارئ مالك غلوم حسين، استاذ هندسة الكهرباء في جامعة الكويت، فأرسل رسالة الكترونية باللغة الانكليزية ضمنها بعضا من مشاعره الخاصة، قال فيها: كان من الممكن ان يكون المقال عن تكنولوجيا اكتشاف الخلل في انابيب المياه اكثر فائدة لو تضمن اسما او وصفا للتكنولوجيا العالية التي كان المهندسان الاوروبيان يزمعان شرحها في الكويتِ ان اخر تكنولوجيا غير هدامة او مدمرة تستعمل لاكتشاف التشققات في الانابيب المدفونة تعتمد على استخدام نظام راداري يسمى: ultra wideband (impulse) ground- penetration radar او رادار النبضات الخاص باختراق التربة، وهو نظام يبشر بإمكانيات استعمال كبيرة في المجال المدني، اضافة الى المجالات الحربية، وربما يكون اهم استعمالاته في اكتشاف الالغام المدفونة وسرطان الثدي المبكرِ وقال انه قام بإجراء ابحاث مختبرية ونظرية في مجال 'رادار النبضات' منذ ان بدأ بتحضير رسالة لنيل الدكتوراه في نهاية السبعيناتِ وكان هذا العلم يعتبر في حينه نوعا من الخيال العلمي في الغرب، ولكن بعد ربع قرن من العمل البحثي في ميدان العلوم تم الاعتراف بإمكانيات استعمال نظرية الرادار النبضي في عدة مجالات، وقامت الحكومات الغربية، والاميركية بالذات، برصد ميزانيات الابحاث عليه.
وذكر الاستاذ مالك انه سعيد لقيامنا بكتابة ذلك المقال الذي اتاح له الفرصة لكي يبين أننا في الكويت نمتلك الكثير من الطاقات العلمية التي حصلت على شهاداتها العلمية من ارقى الكليات الغربية، وانه قام شخصيا ببذل جهد كبير في بداية الثمانينات من اجل اقناع مسؤولي الدولة باستعمال او تطبيق نظرية 'النبض الراداري'، ولكن جهوده ذهبت سدىِ كما قام اضافة الى ذلك، بإجراء مختلف انواع التجارب امام عدد من كبار ضباط الجيش والطيران من خلال اجهزة علمية مصنوعة في مختبرات محلية، ولكن لم يبد اي منهم اهتماما يذكر بالتجارب.
وقال انه من المؤسف القول ان قوات الغزو العراقية قامت بالاستيلاء على كامل معدات مختبر الجامعة المتعلق بهذا النظام ونقلته الى العراق في حينه.
ولا يعلم حقيقة المبالغ التي تم صرفها بعد التحرير على عقود تنظيف الكويت من الالغام التي نتجت عن الاحتلال العراقي في بداية التسعينات من القرن الماضي، والتي كان من الممكن القيام بها بناء على تكنولوجيا محلية.
واختتم السيد مالك رسالته بالقول وبتحسر واضح، ان التكنولوجيا التي نحاول جلبها من الخارج موجودة بين ظهرانينا، وكل ما نحتاج له هو قليل من العزم وبعض المال، والعلم والتكنولوجيا ليسا نكتة او طرفة، ولهذا فهما لا يعتبران لدى الكثيرين من اولوياتنا.
وقد قيل قديما، ان من الحسن اعطاء الجائع سمكة ليتناولها، ولكن من الاحسن بكثير تعليمه كيفية صيد السمك لكي لا يجوع مرة اخرى.
ملاحظة: ومنا الى وزارة الطاقة (الكهرباء والماء سابقا) التي نتمنى ان تفعل شيئا بهذا الخصوص للمستقبل، اما الحاضر فأمره ميئوس ميئوس منه يا ولديِِِِ!!

الارشيف

Back to Top