بطاريات مشعل وراشد ومحمية حبيب

في زيارتي الأخيرة للولايات المتحدة قمت بمساعدة ابني في الانتقال الى سكن جديد.
وصاحب ذلك، تمشيا مع عاداتنا وتقاليدنا، التخلص من الكثير من الأشياء التي كانت غير ذات نفع أو قيمة، وكان بينها جهاز كمبيوتر منتهي الصلاحية، ومجموعة من البطاريات الجافةِ وعندما هممت برمي تلك المواد في حاوية المهملات، فوجئت بابني يطلب عدم فعل ذلك لخطره على البيئة من جهة، ولمخالفته قوانين الولاية من جهة أخرى (سجن وغرامة مالية كبيرة)، حيث ان تلك المواد تحتوي على درجة عالية من السمية، وشرها على صحة الإنسان والحيوان والنبات مؤكد.
تذكرت ذلك وأنا أقوم بجرد أحد مخازننا في الكويت، حيث وجدت اعدادا كبيرة من اجهزة الكمبيوتر الشخصي القديمة، والتي تحتوي على بطاريات كبيرة، كما تذكرت ما سبق ان أخبرني به صديق يعمل في وزارة الصحة، عن المشكلة التي تواجه الوزارة كلما أرادت التخلص من المواد الخطرة التي تتبقى من آلات تصوير الأشعة في المستشفيات الحكومية والخاصة ايضاِ وتذكرت كذلك العدد الكبير من بطاريات السيارات والمحركات، التي يتم التخلص منها يوميا في مختلف مناطق الكويت برميها إما في صناديق القمامة أو حاويات شركات النظافة، وتساءلت بيني وبين نفسي عن الطريقة التي يتم بها التخلص من كل تلك المواد بالغة الخطورة على صحة البشر.
لخطورة الموضوع، قمت بالاتصال بالسيد مشعل المشعل، رئيس جمعية حماية البيئة، والذي طمأنني الى حد ما بالقول انهم مدركون في الجمعية خطورة ما ذكرت، وان هناك محاولات جارية لحل هذه المشكلة البيئية، ولكن الأمور تسير ببطء شديدِ وذكر ان بطاريات السيارات يتم التخلص مما بها من سوائل سامة وخطرة برميها في المجاري، أما البطاريات نفسها فيتم بيعها ثم شحنها لبعض الدول الاسيوية حيث يعاد تصنيعها.
وزيادة في المعرفة، قمت بالاتصال بالسيد راشد الرشود، نائب مدير عام الهيئة العامة للبيئة، الذي أعلمني انه لا يعرف عن الموضوع شيئا، وأحالني للمهندسة فاطمة العويد التي أفادتني بأن تصدير البطاريات منتهية الصلاحية الى خارج البلاد يتم بموجب اتفاقات بازل التي قامت الكويت بالتوقيع عليها عام 93، ولكن الطريقة التي يتم بها التخلص من مياه البطاريات الضارة بالبيئة طريقة غير سليمة وخطرة ومخالفة للقانون، وليس لدى الهيئة الضبطية القضائية للقضاء على هذه المخالفات الخطيرة، وكل ما يمكن فعله هو الكتابة للبلدية ومطالبتها بإجراء اللازم، وليس هناك بطبيعة الحال الكثير الذي يمكن توقعه من أكثر مؤسسات البلاد فسادا وبطئا في اتخاذ الاجراءات الحازمة ضد المخالفين وأصحاب الضمائر الميتة موت تلك البطاريات.
الخلاصة ان البيئة في خطر من مختلف المصادر، وربما تكون هذه المواد والأدوات أكثرها ضرراِ وبهذه المناسبة أنصح المهتمين بالموضوع بمشاهدة العمل السينمائي الرائع الذي قام الفنان حبيب حسين بإخراجه بعنوان 'المحميات، الملاذ الأخير'.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top