تفسير أحلام الامة العربية

تعتبر الدول الإسلامية، والعربية منها بالذات معنية، أكثر من غيرها بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، لكونها الطرف المباشر الآخر في تلك الأحداثِ كما أن من الممكن اعتبارها طرفا 'مفعولا به' فيما يتعلق بتداعيات تلك الاحداث الرهيبةِ ولكن، وبالرغم من هذه الحقيقة الواضحة، الا أنه من المؤسف اننا لا نزال نتصرف، وفي كل لحظةمن حياتنا، حكومات وشعوبا، وكأننا غير معنيين بالأمر، وربما يعود ذلك الى البلادة في الشعور وانعدام الاحساس بالمسؤولية اللذين أصابا الكثيرين منا، فأصبحنا لا نميز بين الصديق والعدو وبين الخطر والأمان.
فكيف يمكن وصف أمة تعتقد بأن صدام يمثل الحق كله وأميركا تمثل الشر كله؟!.
وكيف يمكن فهم عقليات لاتزال تصر، وحتى اليوم، على أن حكومة طالبان كانت تمثل النقاء والطهارة؟.
وكيف يمكن أن نفهم السر الكامن وراء موجة العداء السافر التي يكنها الكثيرون منا للآخر، لا لشيء الا لأنه غير مسلم، بصرف النظر عما قدمه ولايزال يقدمه هذا الآخر لنا من خدمات واختراعات وتسهيلات، لا نعرف كيف نستفيد من غالبيتها بسبب جهلنا؟!.
وكيف نفسر كل ذلك الاحترام والتبجيل اللذين يكنهما الكثيرون لشخص اسامة بن لادن بعد كل ما تسبب به من مآس ومصائب لكافة الدول والافراد الذين ارتبط بهم بطريقة او بأخرى؟!.
إن كل هذه الامور لم تأت من فراغ، بل هي نتاج قرون طويلة من التخلف المعرفي والدراسي، ونتيجة حتمية لذلك الخلل الذي تشكو منه مجموعة قيم المجتمع المتمثلة في ركام العادات والتقاليد البالية التي لانزال نرزح تحتها.
إن أشد ما نحن بحاجة اليه الآن، وقبل المباشرة في اتخاذ أي اجراء آخر لاصلاح الخلل الفكري الذي نعيش فيه، هو ازالة الغشاوة التي أعمتنا، منذ بداية ظهور حركة الاخوان المسلمين في عشرينات القرن الماضي، وقبول الآخر، أيا كان هذا الآخر، والتعامل معه بموجب أسس وقواعد انسانية ومواثيق دولية قائمة على الاحترام المتبادل.
ويتطلب الأمر، في مرحلة تالية، ازالة كل الشكوك التي ترسبت داخل ما تبقى من أدمغة لدينا، وأن نتوقف عن لوم الآخر وتحميله مسؤولية ما نحن فيه من تخلف وترد وهوان نفسِ فما مرت به دولنا العربية من عقود وعهود استعمارية لم تكن حالة خارجة عن المألوف، فالكثير من دول العالم مرت بالظروف الاستبدادية والاستعمارية نفسها التي مررنا بها، ولكنها استطاعت أن تنهض في نهاية الامر وتتقدم في كل المجالات تاركة ذلك الارث وراءها وكجزء من تاريخها ليس الا، وخير مثال على ذلك ماليزياِ
كما أن كثيرا من دول العالم لم تكن شيئا يذكر قبل سنوات قليلة واصبحت اليوم من الاقتصادات الكبيرة التي يشار اليها بالبنان ككوريا الجنوبية.
إن تداعيات الحادي عشر من سبتمبر ستكون مدمرة على كل الاصعدة، وستكون تداعياتها ذات تأثير كبير على دول صغيرة ذات اقتصادات هشة مثل دولنا، ونحن لا نزال نجهل حقيقة مواقفنا حيال الكثير من الأمور الساخنة التي تجري حولنا، ولايزال البعض منا مشغولين بفتاوى تتعلق بحكم ارتداء باروكة الشعر، ونجاسة نقط الماء الساقطة من وحدات تكييف المنازل المسكونة من غير المسلمين، والغوص في تفاسير الاحلام للشيخ صالح النهام.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top