هل سنصحو متأخرين؟

يعاني المجتمع الكويتي، والمجتمعات الخليجية الأخرى طبعا، ظاهرة خطرة تتعلق بالإسراف في استخدام كل شيء، من الماء والدواء والأكل. فكل شيء فائض ويستخدم بابتذال كبير، ففي النادي الصحي الذي ارتاده، والذي يعتبر أعضاؤه من طبقة متعلمة، اجد أن تصرفات الكثيرين لا علاقة لها لا بالتعليم ولا بالخلق، ولا حتى بالرياضة، فمن لا يحتاج جسمه الضئيل لغير نصف منشفة يحمل معه للحمام ثلاثاً منها، غير عابئ بتكلفة جمعها وغسلها وكيها وإعادتها للاستعمال، هذا غير ما سيصرف عليها من ماء ومواد تنظيف كيميائية خطرة على البيئة! كما يصر عدد كبير من الأعضاء، ومن المواطنين بالذات، على إيقاف سياراتهم امام باب النادي الممنوع الوقوف أمامه، ولا يريدون بذل جهد بسيط والوقوف في الأماكن المخصصة، والغريب انهم أتوا لممارسة الرياضة وليس النوم، وهذا غيض من فيض. ولو تجولنا في أي حي لصدمتنا مناظر سلال القمامة، وهي تفيض بما فيها من مأكولات، والقطط تحوم حولها، ومنظرها لا يثير الحزن والألم فقط بل والشفقة على حالنا، ولا استثني احدا هنا! والغريب، بعد كل هذا الإسراف الذي يمارسه الكثيرون، في معيشتهم، وطريقة قيادة سياراتهم واستهلاكهم للوقود والكهرباء والماء، وهدر الوقت بالجلوس على المقاهي لأيام وليس لساعات، ثم يأتي البعض منهم ويطالب بإسقاط القروض الاستهلاكية عنهم وكأنهم اقترضوا من البنك لشراء دواء لأمهاتهم المرضى، وليس لاستبدال سياراتهم الكبيرة بأخرى أكبر، ومن موديل أكثر حداثة، أو لدفع فاتورة سفر للمتعة. غريب أن يطالب البعض بإسقاط فوائد قروضه وفاتورة هاتفه النقال تزيد على قسط قرض سيارته، أو ثمن ما يستهلكه من سجائر.

إن موافقة الحكومة على اي من حلول إسقاط القروض أو تقسيطها أو خصم فوائدها أو أي إجراء من هذا القبيل سيكون في حكم الكارثة الاجتماعية، فقد دفعنا جميعا الكثير نتيجة القرار المتعجل بزيادة رواتب موظفي الدولة، فقد التهمت زيادات الاسعار كل زيادات الرواتب، وتأثر أكثر من لا راتب لديه، وظهر تأثير تلك الزيادات العشوائية على أسعار المناقصات الجديدة التي تضاعفت نتيجة ارتفاع رواتب الموظفين والعمال، ولكن هذا ما لم تفكر به حكومتنا «الرشيدة» في حينه، بل كان كل همها إرضاء رغبة المنتمين لحزب «موظفي الحكومة» وخلاص. إن المسألة لا تكمن في ارتفاع راتب سائق منزل من 90 ديناراً إلى 130 ديناراً مثلا، بل ما أصبحت تتكلفه اليوم تعبئة عربة الجمعية مقارنة بعام مضى.

إن الحكومة ليست مطالبة فقط بإغلاق الباب تماما أمام اي مطالبة تتعلق بالقروض، بل عليها، إن كانت تريد الخير لشعبها، إعادة النظر بكل اسعار الدعم الحالية، من كهرباء ووقود ومواد أخرى، وحتى علف ماشية، ضمن خطة توجه فيها أموال الوفر من الدعم لرفع مستوى معيشة «الإنسان» في الكويت، وليس فقط دعم مواده!
* * *
• ملاحظة: ورد على تويتر النائب السابق، خالد السلطان: إذا فقد الإنسان حقه في التقاضي وتم تلفيق تهم له في بلاده فلا ملجأ له بعد الله في حفظ حقوقه إلا المنظمة الدولية! ولو كنت أمين عام المنظمة لقلت له بأنه، كسلفي، يرفض فكرتها من الأساس، ولا يعترف بميثاق حقوق الإنسان الصادر عنها، ولا بأغلبية قراراتها، فكيف يجوز لجوؤه اليها؟

الارشيف

Back to Top