النقد والفتوى

تبين الارقام الدورية التي يقوم البنك المركزي بنشرها عن وضع النقد بين أيدي الناس، ان مجموع هذه المبالغ يبلغ 303 ملايين دينار على شكل أوراق نقد وعشرة ملايين تقريبا في شكل مسكوكاتِ وهذا يعني أن متوسط ما يحتفظ به كل مواطن ومقيم من نقد في محفظته او بيته او محله، ان كان تاجرا، هو بحدود مبلغ 180 دينارا!! وهو مبلغ كبير مقارنة ببقية دول العالم المتقدمِ ومن الافضل تشجيع الناس على ايداع جزء من هذه الأموال غير المستغلة بشكل سليم في المصارف المحلية لتأخذ دورها في تنمية الاقتصاد، وهذا لا يمكن ان يحدث بغير تشجيع الناس وحثهم على استعمال الشيكات والطلب من المحلات والمؤسسات التجارية قبول البطاقة المصرفية البلاستيكية كوسيلة دفع مقبولة ومريحة، أسوة بما هو حاصل في اغلب دول العالم.
وعليه، فمن المهم تشجيع مبادرة بعض المصارف المحلية التي تمثلت في قيامها بتوزيع جوائز نقدية أو عينية على حسابات شهادات الايداع، حيث شجعت تلك الحركة الكثيرين على استثمار ما بين أيديهم من أموال نقدية في تلك الحسابات أملا في الفوز بجائزة أو أكثر.
وقد تأثرت بعض المصارف المتخصصة ذات الصبغة الحزبية الدينية من مبادرة هذه البنوك وقامت بتحريك مصادر القوى التابعة لها وطالبتها باصدار فتاوى تحرم مثل تلك الجوائز وتعتبرها كنوع من القمار، بالرغم من ان هدفها النهائي لايتعدى في نهاية الأمر تجميع أكبر قدر من النقد، سواء من المؤسسات المالية أو المصارف المنافسة او من بين أيدي الناس وتشغيلها بما يفيد مساهمي البنك او الاقتصاد المحلي ككل.
ولا أدري حقيقة كيف سمحت جهات دينية معينة، يفترض فيها الحياد والبعد عن كل ما هو مثير للريبة والشك، باصدار فتاوى تحرم تلك الجوائز، في الوقت الذي تتعلق فيه مصالحها الشخصية بقضية التحريم!! فهي تعمل إما مستشارة او لها علاقة بالمجالس الشرعية لتلك المؤسسات أو البيوت المالية المتضررة من جوائز البنوك التجارية.
اننا نطالب هنا وزارة التجارة باتخاذ موقف واضح من هذه الفتاوى وعدم الرد عليها لكي لا ينتقل حق ادارة الدولة من يد المؤسسات الدستورية والشرعية الى يد مجموعة من رجال الدين!!.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top