أين نهاية هذا المنحدر؟

نظرت الى صورة نشرتها الصحف قبل ايام قليلة تبين امرأة اسرائيلية تقف بجانب حمار يمتطيه مواطن عربي من فلسطينِ وتظهر الصورة كذلك في خلفيتها طائرة حربية اسرائيلية تطير في سماء القدس (!) ولا ادري لماذا تذكرت وقتها وضع المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين برعاية الاميركيين في منتجع كامب ديفيد والتي تم فيها وضع مصير القدس ومصير شعب كامل بيد ذلك 'الختيار' العاجز صحيا والفقير لغويا والمنهك جسديا والمحبط سياسيا والذي وجد نفسه بين مطرقة الاسرائيليين وسندان الاميركيين في مكان ممل ووسط مفاوضات مضجرة ومطولة لا تناسب العقلية العربية ذات النفس القصير، والتي تبحث عن اسرع الحلول لأصعب المشاكلِ وتذكرت كذلك ان هناك لجنة اسلامية دولية تسمى ب'لجنة القدس' والتي تم تأسيسها منذ 15 عاما تقريبا وكان يرأسها ملك عربي يلقب بأمير المؤمنين اورثها لابنه دون ان يتمكن من فعل شيء بشأن القدس ووضع المدينة المقدسة، كما لم يحاول اي من اعضاء اللجنة الستة، او امانتها العامة اصدار بيان او خبر بخصوص مفاوضات كامب ديفيدِ وتذكرت ايضا ان هناك منظمة لمؤتمر اسلامي، وان لها مقرا وامانة عامة واجتماعات دورية، وهي ايضا لم تنبس ببنت شفة بخصوص المفاوضات الاسرائيلية - الفلسطينيةِ كما اكتشفت مؤخرا ان هناك جامعة دول عربية بأمين عام وسكرتارية طويلة عريضة لم تقل او تشارك ولو بتصريح مقتضب عن المفاوضاتِ وسكت الجميع عن الكلام الممنوع والمباح وتركوا 'الختيار' والقدس في العراء.
نعود للصورة التي تكلمنا عنها في بداية المقال ونقول ان الفارق الحضاري بين شعوب لا تزال نسبة كبيرة من مواطنيها مضطرة للاعتماد على الدواب في تنقلاتها وتأدية عملها وكسب عيشها، وبين شعب آخر مدجج بالسلاح متقدم ماديا وسياسيا وعسكريا وزراعيا وصناعيا امر يجعل من الصعب تخيل الندية في تلك المفاوضات او توقع الحيدة فيمن يقوم بدور الوسيط فيها.
ولكن ما البديل؟ وهل من صالح اي طرف ان تنهار المفاوضات؟ وهل من العدل ان يبقى شعب كامل على ما هو عليه من تشرد وذل وهوان لنصف قرن آخر بحجة انه لا يجوز التفاوض من موقع ضعف؟.
الامر الآخر، اننا لا نتردد صباح كل يوم عن وصف اليهود بكل ما في قاموسنا من كلمات بذيئة واوصاف قذرة، ولا نتردد في لعنهم في صحونا ونومنا وشتمهم في قيامنا وقعودنا، ولكننا نتناسى وباصرار عجيب ان معركة جرش عام 1970 بين الفلسطينيين والاردنيين انتهت بعد ان عبر المقاتلون الفلسطينيون نهر الاردن صوب اسرائيل مفضلين سجون ومعتقلات ومحاكمات وبطش واجرام وقذارة وكفر ونجاسة وجبن وتعذيب اعدائهم اليهود على الوقوع في 'اسر' ابناء عمومتهم واخوتهم واصهرتهم المنتمين لهم عرقيا ومذهبيا ودينيا ولغويا من جنود الجيش الاردني العربي.
'ويا فلسطين جينا لك
جينا وجينا جينالك
نعصر زيتون كرمالك
ناكل ترمس علشانك'
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top