إلى متى رؤوسنا في الرمال؟

أعتقد ان الكويت هي الدولة الاولى في العالم من حيث عدد المساجد نسبة الى عدد السكان، وستبقى كذلك ربما الى الابدِ كما ان فيها اكبر نسبة من الجمعيات الدينية الاصولية التي ينحصر همها الاول في جمع التبرعات، ولا اعتقد انه حتى الولايات المتحدة الاميركية، وهي اكثر دولة 'مهموسة' بالدعوات الدينية، تتمتع بمثل هذا العدد الكبير من الجمعيات الدينية المسيسة حتى النخاع.
كما ان الكويت هي الاعلى في العالم في نسبة المجلات والمنشورات والملاحق والمطبوعات الدينية المتنوعة التي يصدر البعض منها بصورة يومية والتي تخصص العديد من صفحاتها لتبيان مخاطر الوقوع في شرك الادمان من المخدراتِ كما ان في الكويت اكثر من جهة 'متخصصة' في محاربة الادمان، وتجني من وراء ذلك مئات الآلاف دون حسيب او رقيب بحجة محاربة هذه الآفةِ كما تقوم العديد من الجهات بمحاولة محاربة حالات الادمان على المخدرات بالطرق الروحانية، ولكن لا يعلم غير المشرفين على تلك البرامج مدى جدوى تلك الطرق ونسب النجاح والفشل فيها، حيث لا تقوم بنشر أية ارقام او احصائيات عن هذا الموضوع.
نكتب ذلك تعليقا على ما صرح به اعضاء المشروع الاعلامي لمكافحة المخدرات 'غراس' عن فشل الكويت في محاربة المخدرات، حيث تضاعف عدد المتعاطين وبلغ، برأيهم، اكثر من 20 ألفا (!!) كما تضاعفت قضايا المخدرات منذ الغزو العراقي وحتى الآن (!!)، حيث ان من الغريب ان تكون هذه الفترة بالذات هي الفترة نفسها التي بلغ فيها نفوذ الحركات الدينية القمة ووصلت سطوتها وسيطرتها على مقدرات عشرات المؤسسات المالية ومئات الجمعيات الى قمم عالية، وقامت خلالها بتوظيف آلاف الدعاة وتمكنت فيها من التحكم في عملية التربية والتعليم، ولم يسمح الا للمنتمين اليها بدخول المدارس الحكومية والقاء المحاضرات الدينية والقيام بمهمات الوعظ والارشاد بين الطلاب والطالباتِ فكيف يمكن اذا تفسير هذا الفشل المريع في محاربة مشكلة ادمان المخدرات وانتشار تعاطيها بين الشباب في ظل هيمنة تامة لقوى الاصلاح والسلف على العديد من الأنشطة المرتبطة بوضع حل لتفاقم هذه المشكلة؟؟ ألم يحن الوقت لكي نفكر في حلول أكثر عملية ومنطقية، وربما أكثر جرأة، في محاولتنا للتخفيف، ولا نقول للقضاء، على مخاطر هذه المشكلة من تلك الاعلانات واللوحات البائسة التي كلفت الملايين في حملة لا يمكن أن توصف الا بالفاشلة؟.
لقد اشار الزميل محمد مساعد الصالح الى ان جزءا من مشكلة الادمان على المخدرات يعود الى الحظر الصارم المفروض على تناول المشروبات الروحيةِ كما كتب الزميل عبدالحميد البلالي قبل فترة يؤكد على هذا الأمرِ وأعتقد أن الوقت قد حان للتفكير في هذا الأمر والتوقف، ولو لفترة قصيرة، عن الادعاء الفارغ والاستمرار في دفن رؤوسنا في الرمال.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top