حكومة الكهنة الجدد

على ضوء تجارب الدول وامم الارض الاخرى، البعيدة منا والقريبة، سأحاول هنا ان اتخيل ما سيحدث في اية دولة لو آل امر التصرف 'بالبعض' من امورها الى يد الاحزاب الدينية! وسأتجاوز هنا ما سينشب بين تلك الاحزاب من معارك، في بداية الامر يقوم كل طرف فيها بمحاولة تصفية الطرف الآخر، وما يعنيه ذلك من قتل وتدمير وذبح بالسكين من الوريد الى الوريد الى ان يستقيم ويستتب الامر لاكثر الفرق قوة وبطشا، يقوم بعدها بالتفرغ لمهمة نشر ما يعتقده في صالح الامة من انظمة وقواعد واعتقادات.
وسيتم بناء على ذلك السيناريو اغلاق دور العبادة الخاصة باصحاب الاديان الاخرى، يلي ذلك هدم او اغلاق دور العبادة الخاصة بالمخالفين للنهج الجديد، سواء اكان فكريا او سياسياِ ثم يأتي دور اغلاق دور السينما والمسرح والمراكز الثقافية والادبية، والغاء تراخيص محال بيع الاشرطة الغنائية والموسيقية وافلام الفيديو، وسيمنع بيع وشراء واستيراد واستعمال الاطباق اللاقطة للبرامج التي تبث عن طريق الاقمار الصناعية وسيتم فرض الفصل الجنسي في الجامعة والاسواق المركزية والمدارس غير الحكومية لاجبار الاخيرة على اغلاق ابوابهاِ وسيتم الاستغناء عن خدمات كافة العاملات في المراكز القيادية من وكيلات ومساعدات وكيلات ومديرات مشرفات على مرؤوسين من الذكور، وستحال السفيرات والباحثات في غير المجالات التي تخص المرأة الى التقاعد المبكر وستمنع الطبيبات من عيادة الرجال ولو كان لوصف دواء للعيون او الحنجرة، وسيجبر من سيتبقي من موظفات الدولة على ارتداء الملابس المطابقة لتفسير الجماعة، وسيمنع استيراد الملابس النسائية غير المحتشمة، ولو كانت لتحت الركبة وبنصف كمِ وسيتم التعميم على كافة منافذ الحدود والموانىء البرية والبحرية بمنع سفر اية امرأة من غير محرم، وسيتم ايقاف الصرف الحكومي على الطالبات المبتعثات للدراسة في الخارج، وسيتم اغلاق صالونات الحلاقة النسائية، وستمنع النساء من البيع في المحلات التجارية التي لا يقتصر البيع فيها للنساء، وستمنع المرأة من قيادة المركبات ايا كان نوعها، او سيتم في البداية وقف منح رخص قيادة جديدة الا لفئة معينة من النساء، وبعد بحث وتمحيص دقيقينِ وسوف تغلق اماكن الترفيه كالخيم الرمضانية ونادي الصيد والفروسية ومشاريع 'الاكوا بارك' ومنتزهات المشروعات السياحيةِ وسوف توضع رقابة صارمة على الشقق السكنية وتفرض غرامة مالية وسجن طويل الامد على اصحاب العمارات الذين يضبطون متلبسين بجرم التأجير لغير المتزوجين مهما كانت درجة العفاف التي يتسم بها المؤجر، وسيتم استيراد كميات هائلة من خشب السواك وبيعها باسعار مدعومة، وستتم زيادة الضرائب على معاجين وفرش الاسنان واوراق لعب الورق (الكوتشينة) وستمنع المجلات المصورة والفنية والفكرية والثقافية والشعرية من دخول البلاد، وستتم مصادرة كافة العاب الفيديو، وسيتم الغاء تراخيص مقاهي الانترنت، وسيمنع بيع الحمام في سوق الجمعة لكي يتم القضاء على ظاهرة 'المطيرجية' الخطيرة على اخلاق الشباب وسيمنع بيع كافة انواع ووسائل منع الحمل وسيتم تشجيع الانجاب بدون حدود وترغيب الرجال شيبا وشبانا بالزواج باكثر من واحدة عن طريق منح قروض تشجيعية للزوجة الثانية والثالثة ومنح بيت اكبر واكثر فخامة للزوجة الرابعة وستمنع الاعلانات المثيرة للغرائز مثل تلك التي تروج للكريمات المزيلة للشعر غير المرغوب فيه hair, persona, non grata وسوف يمنع الاطباء الرجال من فحص السيدات وسيتم استيراد طبيبات من افغانستان للقيام بهذه المهمة.
وسيتم اغلاق مستشفى الولادة والاكتفاء بدور الولادة المنزلية حسب عاداتنا وتقاليدنا التي يبدو ان الجماعة على استعداد دائم لنسيانها متى طاب لهم ذلك!! كما سيتم الغاء قوانين الاحوال الشخصية والدستور وسوف تغلق الصحف او تكمم افواه كتابها وسيمنع بيع الصور والتماثيل (الانصاب) ذات الروح وسينتشر الدجل والضحك على عقول السذج وسيتاجر الكثيرون في مهمة المعالجة عن طريق الرقية، وسيتم الغاء برامج الرعاية الخاصة التي تمنح للفئات المستضعفة من افراد المجتمع.
وبعد كل ذلك سوف لن افاجأ او اصدم ان وجدت ان اول من سيغادر البلاد ويتركها الى الابد سيكون من ابناء وبنات وامهات واخوات وبقية اهل اولئك الذين ساهموا في وضع مثل هذه المجموعة من القوانين والانظمة والقواعد والاجراءات!!
هل لا نزال نؤمن بان قيام حكم 'ثيوقراطي' الحكم فيه للكهنة الجدد سيكون في نهاية الامر في صالح الوطن، اي وطن كان؟؟
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top