جداول صلاح

نشرت مؤسسة لانظمة الكمبيوتر اعلانا في الصحف (يوم 5/6)، عن توفر نظام كمبيوتر للبيع لديها يمكن مستخدمه من معرفة كامل البيانات التي قد 'يحتاجها' عن كامل القاعدة الانتخابية في الدولة وتوزيعاتهاِ وكان من الممكن ان يكون هذا البرنامج مفيدا، سواء للباحث او السياسي او المرشح للمجالس النيابية او البلدية، وخاصة من ناحية سرعة توفر البيانات عن الناخبين في مختلف المناطق الانتخابية، وتقسيماتهم العمرية وغيرها من المعلومات المفيدة لولا وقوع واضع البرنامج، أو الموحي به، في خطأ جسيم لا يغتفر، ولا اعتقد انه قد حدث عن حسن نية، ومن الممكن ان يورط من قام بوضعه وجمع معلوماته والترويج له وعرضه للبيع في تعقيدات قانونية عديدة.
يدعي صاحب المؤسسة ان البرنامج يحتوي على كافة المعلومات عن ناخبي دولة الكويت مثل رقم القيد والدائرة والعنوان والمهنة والميلاد ورقم الهاتف، وهذا جيد ومفيدِ ولكنه يتضمن أيضا معلومات عن التوجه الفكري لكل ناخب ومذهبه الديني والعائلة التي ينتمي اليها، والتي لا يمكن معرفتها عادة بمجرد قراءة اسم المواطن المقيد في سجله واسم قبيلته والفخذ الذي انحدر منه!!
ولكي يكون البرنامج مفيدا لمرشح منطقتي مثلا فيجب ان يحتوي على ما يتعلق بي او بغيري من معلومات خاصة وشخصية جدا، اضافة الى توجهاتنا الفكريةِ وهنا نسأل، صاحب الدليل والمسؤول عنه، عن الطريقة التي عرف فيها مذهب ودين وقبيلة وعائلة وفخذ كل مواطن ـ ناخب في الكويت؟ وان سلمنا ان باستطاعته معرفة دين ومذهب وفخذ وذراع كل مواطن كويتي، مع هامش كبير من الخطأ القاتل، فكيف يمكن ان نصدق انه استطاع معرفة التوجه الفكري لكل ناخب؟ هل فتح قلوب الناس ليعرف هواها؟ وهل قرأ افكار وعقول البشر ليدعي معرفة الطريقة التي يفكرون بها ونوعية تفكيرهم؟ وهل يجوز لاحد، ايا كانت درجة معرفته وثقته بنفسه، ان يدعي بأنه يعرف مذهب وقبيلة وفخذ وعائلة وطريقة تفكير 120 ألف شخص؟
ان المطلوب هنا تدخل جهة تنفيذية مسؤولة ما لوقف هذا الاستغلال لخصوصيات الناس والتربح من نشر معلومات مشكوك في دقتها وتقوم على الاستنتاج الخاطئ، خوفا من ترسيخ التفرقة الاجتماعية بين افراد الوطن الواحد،عن طريق تدوين استنتاجات قد تكون بعيدة جدا عن الحقيقة والواقع، وقد يتسبب في نشرها ضرر كبير للعديد من الاطراف بدون ذنب جنوهِ كما ان وضع هذه التقسيمات والتصنيفات الوراثية والدينية والفكرية لكل ناخب في كتاب يمكن الرجوع له والاستناد عليه في عملية اتخاذ القرارات المهمة يشكل بحد ذاته اهانة لكل من ورد اسمه في ذلك الدليل.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top