على ماذا نحن مختلفون؟

كتب الزميل العزيز خليل علي حيدر مقالا جيدا، كعادته، في 'الوطن ' (13 ـ 8) تطرق فيه الى الاحتجاج الذي قام به جمع واسع من احدى القبائل ضد مقال نشر عنهم في احدى الصحفِ واعتبر السيد حيدر ذلك نقطة تحول اجتماعية هامة على الصعيد الكويتي، ودليلا واضحا على ان فكرة المواطنة والمساواة الانسانية ونبذ العنصرية قد ضربت جذورها القوية في المجتمع الكويتي (!!) واضاف انه على معرفة بكاتب المقالِ واختار بالرغم من ذلك الصحافة ليقوم بتوصيل رسالته عن طريقهاِ وحيث ان بامكاني الادعاء بمعرفتي التامة بالسيد حيدر فانني قد اخترت بدوري الصحافة لكي اوصل رسالتي له وللقراء عن طريقها.
1 ـ لا اتفق كثيرا مع السيد حيدر في ما ذهب اليه من اعتقاد بأن قيام مجموعة من الافراد بالرد على كاتب مقال اعتقدوا انه قد اساء لقبيلتهم هو نقطة تحول اجتماعية ودليل على المواطنة والمساواة الانسانية، وان المساواة ونبذ العنصرية قد ضربت جذورها القوية في المجتمعِ حيث ان الردود قد ركزت ليس فقط على المطالبة بالمساواة بل تطرقت جميعها لما كان لتلك القبيلة وافرادها من دور وفضلِِ الخ وهذا دفاع عن القبلية ورفض للانصهار ونبذ لفكرة الشطب والالغاء.
2 ـ دعا الكاتب الى ضرورة مراجعة التراث الكويتي المنشور من تاريخ وادب وامثال وموسوعات واخضاعه للدراسة والتحليل لكي تعاد طباعته وحذف المواد التاريخية والادبية غير الصحيحة، والمفيدة التي تمس طوائف وقبائل معينة.
ولا ادري من الذي سيقوم بهذه المهمة اولا، ومن الذي سيقرر ما هو الصحيح من الخطأ وكيف يمكن تحديد المفيد من غيره وعلى اي اساس سيتم تحليل ومراجعة الوقائع التاريخية والمواد الادبية! ومن الذي سيقرر في نهاية الامر ان هذا البيت من الشعر كان يقصد به طائفة معينة، او ان المثل الفلاني مقصود به قبيلة ما ويجب بالتالي شطبه او تعديله؟!.
ان هذه المواد جزء من تاريخ الكويت ولا يعيبني شخصيا ما قاله شاعر ما قبل سنوات عن اصولي او عن اهلي، ولا يجب ان اكترث كثيرا ببيت شعر او مثل او قصيدة كاملة او رواية ما، واجعلها سببا لمحو جزء كبير من تراث بلدي لكي لا تعرف الاجيال القادمة اصل هذا القبيلة او انتماء تلك العائلة او من اين قدمت تلك الاسرة.
بل يجب ان نركز على امور اكثر ايجابية ونشعر الجميع بأنهم مواطنون متساوون في الحقوق، وقبل ذلك في الواجباتِ وبأن ليس هناك من 'نبت' على هذه الارض كنبت شيطاني، وبأن الجميع قد جاء الى هذه الدولة، بصورة او بأخرى، من مكان ماِ وبأن اعظم دولة في العالم تقاد بجدارة من قبل مجموعات من الاقليات الصغيرة والكبيرة سبق وان قدمت من كافة اصقاع العالم، ولم يشعر يوما مواطنوها، على الاقل في السنوات الخمسين الماضية، بالمهانة والضعة امام دول اطول تاريخا وحضارة حيث ان لا وجود لمثل هذا الهراء.
ان تجذير فكرة المواطنة والمساواة لا يمكن ان تتم بشطب الامثال والاشعار والقصص من التراث والموسوعات والكتب، بل عن طريق تعديل المناهج الدراسية وتطعيمها بما يفيد ويؤكد على الوحدة الوطنية وبأننا، في حقيقة الامر، متساوون في كل شيء وان لا فضل لجماعة على اخرى، وان في كل مجتمع بل وفي عائلة واكثر من ذلك في كل اسرة الصالح والطالح، الطيب والرديء، وكفانا تشدقا بالاصول والفروع والافخاذ، فقد شبع الكثير منا ضربا على اقفيته من شعوب لا تعرف على ماذا نحن مختلفون!.
أحمد الصراف
-------

الارشيف

Back to Top