التفكير خارج الصندوق

عنوان المقال ترجمة للتعبير الإنكليزي thinking outside of the box، أي أن نفكر بطريقة غير تقليدية وألا نحصر تفكيرنا ضمن حدود معينة سبق أن اعتدنا عليها، بل نحاول قلب الأمور والنظر إليها من زوايا غير عادية. ففي سؤال قدم لــ200 شخص تقدموا لشغل وظيفة مهمة، طلبوا من كل ممتحن التفكير خارج الصندوق، وكان السؤال يتعلق بما سيقدم عليه أي منهم إن وجد نفسه فجأة، وفي ليلة ممطرة وشديدة البرود، أمام موقف حافلات غير مغطى، وثلاثة أشخاص ينتظرون، أحدهم صديق قديم سبق أن كان له دور مهم في إنقاذ حياته، وسيدة طاعنة في السن تبدو في حالة صحية سيئة، وهي ترتجف من البرد، وامرأة طالما حلم بأن يقضي بقية حياته برفقتها! فمن سيختار منهم إن كانت السيارة التي يقودها لا تتسع لغير شخص واحد؟ من الواضح أن السؤال يتضمن جانبا أخلاقيا يصعب تجاهله، فتقديم يد العون لسيدة كبيرة على وشك الموت بردا أمر غاية في الأهمية ولكن ماذا عن ذلك الرجل الذي سبق أن أنقذ حياته، ولم يتمكن يوما من رد المعروف له؟ أو تلك السيدة الحلم التي تقف بانتظاره.. وهكذا. وهنا بدا التحدي بين المتقدمين للوظيفة وفاز بها من فكر خارج الصندوق، وقال إنه سيتخلى عن سيارته ويعطي مفاتيحها للصديق الذي سبق أن أنقذ حياته، ويطلب منه إيصال السيدة العجوز لبيتها أو لأقرب مستشفى، ويقوم هو بانتظار الحافلة برفقة من حلم طوال حياته بأن يكون بجانبها.

السؤال الثاني، موجه لمجموعة من الفتيات اللاتي تقدمن لشغل وظيفة عالية الأجر: ما الذي ستفعله أي واحدة إن أفاقت من النوم في صباح أحد الأيام واكتشفت أنها «حامل»؟ وهنا فازت بالوظيفة من كانت إجابتها إيجابية أكثر من غيرها، والتي قالت: سأتصل برئيسي وأعلمه بالخبر السار، وأطلب السماح لي بالتغيب عن العمل في ذلك اليوم لكي اتمكن من الاحتفال بالمناسبة الرائعة مع زوجي! الإيجابية في جوابها أن جميع المتقدمات كن «عازبات» والفائزة اختارت أن تكون أكثر إيجابية من غيرها، وتفكر بطريقة غير كلاسيكية و«خارج الصندوق».

وفي التجربة الثالثة، قال المدير لآخر المتقدمين للوظيفة، بعد أن فشل البقية في التجربة: هذا آخر سؤال أوجهه لك: أين هو مركز هذه الطاولة التي أمامنا؟ فأشار المتقدم، وبكل ثقة، لنقطة محددة على أحد أطراف الطاولة ووضع اصبعه عليها. فسأله المدير الممتحن عما يجعله يشعر بكل تلك الثقة بأن إجابته صحيحة: فجاءه الجواب سريعا: معذرة يا سيدي، لقد قلت في البداية إن هذا آخر سؤال توجهه! وبالتالي لا أعتقد أنه يحق لك توجيه سؤال ثان! وهكذا حصل المتقدم على الوظيفة، بتلك الإجابة الحادة والسريعة، لأنه فكر خارج الصندوق!

وقد يسأل البعض عن الكيفية التي يمكن بها التفكير خارج الصندوق، وأن نكون غير تقليديين في تفكيرنا! والجواب ليس بتلك السهولة، ويتعلق غالبا بالموروث الثقافي والتحصيل العلمي والتربية المنزلية لأي إنسان، إضافة لقراءات هذا الفرد وتعدد مهاراته وعلاقاته الاجتماعية ونسبة معقولة من الخبرة العملية والذكاء. ويزخر الإنترنت بالكثير عن هذا الموضوع، ولكن التطبيق ليس سهلا، فنحن غالبا ما نعارض كل جديد ولا نميل للتغيير، وخاصة إن تعلق الأمر بالموروث الثقافي والديني.

الارشيف

Back to Top