فوارق حضارية مؤلمة

شنسوكي هاشيدا مراسل صحافي ياباني شارك في تغطية معارك الفلوجة بين الجيش الأميركي ومسلحيين عراقيين عام 2004، التقى أثناء عمله بالصبي محمد هيثم (9 سنوات)، والذي سبق أن أصيب بشظية اخترقت إحدى عينيه، وعرضته للإصابة بالعمى، إن لم يعالج! تأثر هاشيدا بحالته ووعد بمساعدته. عاد هاشيدا إلى وطنه في إجازة قصيرة، وهناك نجح في إقناع بعض الجهات للتبرع بنقل محمد هيثم إلى اليابان لتلقي العلاج، وهكذا عاد إلى العراق ليصطحب هيثم معه، ولكن حظه قاده للوقوع بأيدي مسلحين لا تعرف الرحمة طريقها إلى قلوبهم، فقتلوه ومن كان معه، دون اعتبار لوظيفته كصحافي محايد. وما إن هدأت الأوضاع الأمنية في العراق قليلاً حتى قررت عائلته والحكومة اليابانية الرد على مقتل ابنها المواطن هاشيدا، بطريقتها الخاصة، حيث قامت ببناء مستشفى في الفلوجة لتقديم العلاج لمرضى السرطان من الأطفال! وزودت المستشفى بأفضل المعدات، ووضعته تحت إشراف الأمم المتحدة، ويعمل فيه حالياً 30 طبيباً.

وهكذا أوفت اليابان، وعائلة هاشيدا، بوعدها لمحمد هيثم ووفرت له ولآلاف غيره نعمة العلاج المجاني!

وكتب صديق معلّقاً على الخبر: يا لشقاء هؤلاء اليابانيين! فهم شعب ليس فيه نشامى ولا أسود ولا براكين غضب ولا أخوة هدلة ولا ولد ملحة، وبالتأكيد لا يوجد لديهم قادة ضرورة، ولا سماحات «دام ظلهم»، ولا تيارات، ولا مجالس ثورة، لذلك فهم إنسانيون إلى درجة العبط، ولذا نحن متخلفون وهم متقدمون، وإنسانهم محترم وإنساننا مقهور، ونكره بعضنا بعضاً وهم يبرون حتى بوعود موتاهم، ولديهم حكومة تخدم الشعب ونحن لدينا شعب يخدم الحكومة، ولدينا ثارات الحسين ولديهم ثارات يا هاشيدا!

ويقول سعد، الذي يعمل في ذلك المستشفى، والذي بني على أحدث طراز، إنه حضر احتفال السفارة اليابانية في بغداد بافتتاحه، كما حضر وزير الصحة العراقي. وتم وضع نصبين تذكاريين أمام المستشفى «للشهيد» هاشيدا، وآخر للشعب الياباني. كما ألقى محمد هيثم، الذي يحضر ليصبح طبيباً، كلمة بالمناسبة. وقال سعد إن المجال ضيق جداً لإجراء مقارنة بين الجانب الإنساني للشعب الياباني الذي قتلنا أبناءه من دون أي إحساس، وبيننا، فسيكون ذلك مضيعة للوقت، خصوصاً أننا مشغولون جداً بتحديد اليوم الذي سيبدأ فيه عيد الأضحى المقبل.

الارشيف

Back to Top