مدرس جدول الضرب

إن التقدم الهائل الذي وصلت له البشرية اليوم لم يظهر جزافا، وإنما جاء نتيجة تراكمات من التجارب والخبرات والنظريات والأبحاث، التي شارك في تحقيقها مجموعة كبيرة من العلماء، جلّهم من الغرب، من دون أن نبخس علماء الشرق حقهم، ولو أن تخلف الشرق الحالي محى كامل ما كان له من مجد سابق، ويأتي على رأس هؤلاء العلماء اسحق نيوتن وغاليليو، مايكل فراداي وليوناردو دافنشي وستيفن هوكنز وسقراط وغاندي وتوماس جيفرسون وآينشتاين وتوماس اديسون وشارلز داروين ومدام كوري وابن سينا وميكيافيلي والفارابي وكوبرنيكوس وسيغموند فرويد وآلاف غيرهم. وقد وضع هؤلاء أفكارهم وآراءهم في أمهات الكتب، التي بيعت منها ملايين النسخ، ولا تزال غالبيتها، ومنذ مئات السنين، مقروءة ومتداولة، وعدم سماع البعض بها لم يقلل يوما من أهميتها وتأثيرها على العلم والعالم في كل الأزمان. ومن هذه الكتب التي أجمعت جهات علمية عدة على أهميتها كتاب «المبادئ» لاسحق نيوين، الذي يُعتبر نواة الطفرة العلمية التي نعيشها في كل مجال، بحيث لم يترك الكثير لغيره ليقوله. كما يعتبر كتاب «أصل الأنواع» الذي أصبح منذ صدوره، ولا يزال حتى اللحظة، مثار جدل، حتى ان الكنائس الغربية، ومنذ عام 1859 ترفض محتواه، فما بالك بموقف الجهات الدينية الأخرى! ويعتقد البعض أن كتاب داروين يتعادل في أهميته مع كتاب نيوتن. وهناك كتاب «النظرية النسبية» لألبرت آينشتاين، الذي لو كان كويتيا لما تجاوز دوره تدريس جدول الضرب. فقد أحدث كتابه ثورة علمية وحتى إنسانية ذات أهمية بالغة. وهناك كذلك كتاب الأمير لميكيافيلي، الذي صدر قبل 500 عام، والذي تأثر به كل قائد يقرأ، أو لديه مستشار ينصح! ولا يزال تأثير الكتاب ساريا، وسيبقى كذلك للأبد. ويتشارك كتابا «ثروة الأمم» لآدم سميث، و«رأس المال» لكارل ماركس في أهميتهما وتأثيرهما غير المحدود على شعوب الكرة الأرضية قاطبة! كما يعتبر كتاب «تفسير الأحلام» لسيغموند فرويد، واضع أسس علم النفس الحديث، سفرا لا غنى عنه لمعرفة أسرار النفس البشرية. لا أهدف هنا لجلد الذات، والبكاء على الأطلال، أو التحسر على زمن مضى «كنا» فيه، بحد السيف، شيئا ما في التاريخ، ولكن لأتساءل: لماذا لا يوجد لأمثال هؤلاء العباقرة الأفذاذ وآثارهم وأعمالهم وجود فعال في مناهجنا؟ ولماذا لا تطلق اسماء البعض منهم على شوارعنا؟ ولماذا اخترنا بدلا من ذلك «تخليد» اسم سياسي فاسد أو لحام سابق أو راعي غنم، مع الاحترام لمهنهم وشخوصهم؟ ألا يعتبر هذا جحودا وإنكارا لكل ما قدمه عباقرة العالم للبشرية جمعاء، ونحن منهم، من خير وجهد عظيم؟

الارشيف

Back to Top