مرت الذكرى.. واختفت ذكرى

مرت علينا قبل أيام ذكرى اليوم العالمي للمرأة ولم تلتفت اي جهة، حتى تلك المعنية بالمرأة أكثر من غيرها بهذا اليوم، ولو بأخذ صورة تذكارية لعضوات أي جمعية لمعرفة ما طرأ على ملامحهن من تغيير، بفعل الزمن. كما لم يشغل أحد نفسه بالسؤال لماذا «هناك» امرأة رئيسة وزراء، وامرأة رائدة فضاء، وثالثة قاضية، ورابعة مخترعة، وامرأة مكتشفة، وامرأة فائزة بجائزة نوبل، وغيرهن وزيرة خارجية. و«هنا»، بالرغم من كل تشدقنا بأنها حصلت على كامل حقوقها، فانها رسميا وشعبيا، لا يزال صوتها عورة، وصورتها عورة، وناقصة عقل ودين، ولا يجوز لها تبوؤ أي مناصب تعلو فيها على الرجال، أو تصدر فيها الأحكام!

تقول وفاء أبو عيسى إنه ما ان ترفع المرأة صوتها «العورة» مطالبة بحقوقها وبالمساواة مع الرجل، حتى تتحيز أصوات كثيرة ضدها، تطالبها بالعودة للبيت والالتزام بالحدود التي رسمها الإسلام لها، بدءا من رجل الدين، مروراً بأوصياء المرأة من الأب للزوج للابن والأخ والعم والجد، وانتهاءً بأصوات المحافظين، وجميعهم يذكرونها بعواقب ــ متخيلة ومفتعلة ــ تحرر المرأة في المجتمعات الغربية، وكيف انها مُهانة ومُستغلة، وانها سلعة تُباع وتُشترى، وانها أحياناً كثيرة تتعرض للاغتصاب والعنف، زاعمين أنها بيننا مصانة كمسلمة، كرامة وآدمية، كما لم تفعل اي حضارة أو ديانة من قبل، ولن تفعل لاحقاً. ويبدو الدفع بالدين بالذات في وجه المرأة، حين تتحدث عن حقوقها ومساواتها بالرجل، هو الأسلوب الأمثل لإخراسها، ولكفالة إسكات مشروعها الإنساني في أن تكون جزءاً من عملية التحديث والتنمية ونشر الديموقراطية في بلادها!

ونحن نعتقد أن من مهمة وزارة التربية، من خلال مناهجها، تغيير الصورة النمطية والشريرة عن المرأة والإصرار على أنها عورة وربما رديف للشيطان، وفتنة ليس أضيع منها على لأمة، وأنها خُلقت من ضلع أعوج مهما حاولت تقويمه فسيظل على حاله أعوجاً ميئوساً من إصلاحه، لذا توجب أن تكون دائماً في رعاية أحدهم منذ ولادتها حتى يتوفاها الأجل، يُوكل إليه أمرها ومعاشها، ولا يُترك لها هذا طرفة عين. وبما انها غير قادرة على ضبط نفسها، فإنها بالتالي غير مؤهلة على ضبط من قد يكون بمعيتها كالابن مثلاً، لذا تسلبها أنظمة كثيرة حق حضانة أبنائها، في حال طلاقها!

إن من مسؤولية اي دولة، أو حكومة عصرية ومنصفة، العمل على أن تأخذ المرأة مكانتها اللائقة في المجتمع، وأن تعطى لها كامل حقوقها، فلا تنمية ولا ديموقراطية ولا تقدم بوجود امرأة ناقصة الحقوق، مكسورة الجناح، وتعامل وكأنها إنسان من الدرجة الثالثة.

• ملاحظة: اختفت وزيرة الشؤون السابقة ذكرى الرشيدي عن الأضواء تماما، بعد خروجها من الوزارة، فعسى ان يكون الامر خيرا.

الارشيف

Back to Top