حرية نشر الكراهية

بدأت حرية نشر الكراهية مع موجة البترودولار والتي ضربت المنطقة والتي قام البعض باستغلالها من أجل الترويج للمذهب الذي ينتموا إليه، والاستفادة الشخصية من خلال خلق جمهرة من الأتباع والمستمعين لآراءهم وفتاواهم وبيع كتبهم، والأهم من ذلك الاستفادة من ظهورهم في برامجهم تلفزيونية دينية. وقد خلقت هذه التلفزيونات نجوم لا يختلفون في شهرتهم وثرائهم عن نجوم السينما، مع اختلاف نوعية تأثيرهم، وأصبح لهم شأن كبير لدى القيادة السياسية بسبب فائق قدرتهم في التأثير على اتجاهات الرأي العام، والجاهل منه بالذات، بعد أن كانوا دعاة مغمورين في قراهم! وقد أدت ثورة الخميني قبل 35 عاما لتأجيج أوار هذه الحرب وزيادة المستفيدين منها، فظهر " دعاة نجوم" جدد على الساحة وإن باشكال مختلفة. ثم حلت علينا كارثة الغزو وما تبعها من غطرسة وغباء صدام واحتلال أمريكا والحلفاء للعراق، وقتل صدام وتسليم الحكم لممثلي الأغلبية، فزاد ذلك من نار الكراهية بين الشيعة والسنة وبين بعضهم البعض، ولتشمل بلهيبها جميع دول المنطقة، وكل فرد فيها، أراد، ام لم يرد. كما زادت النار استعارا مع بدا ثورات الربيع العربي وشمولها البحرين وسوريا، وتدخل أطراف وجهات دينية مسلحة، تتبع هذا الطرف السني أو تلك الجهة الشيعية في الصراع الدائر، وهنا بلغت تراجيديا استغلال الحرية في بث الكراهية أوجها.

وقد قامت البي بي سي ببث برنامج وثائقي بعنوان  the freedom to broadcast hate يتعلق بأنشطة القنوات الدينية التي تبث عن طريق "النايل سات"، أو تلك التي تبث من عواصم أوربية، وبالذات لندن وباريس، وبين البرنامج أن جميعها تبث خطابات شديدة الكراهية وتتضمن كلمات لا يستطع حتى المريض نفسيا قبول ما يقوله هذا الطرف بحق الطرف الآخر، أو العكس. وتتساءل البي بي سي عن الجهات التي تمول هذه المحطات، خاصة وأن عددها قد تجاوز المئة، وهمها الوحيد تسفيه مذهب الطرف الآخر، وليس الدعوة الدينية. وتجيب بأن التمويل يأتي من أفراد أو جهات في الكويت بالذات، والسعودية ولبنان وحتى العراق، كما أن الحكومات ليست بعيدة عن تهمة التمويل. وتتخوف الدول الأوربية المعنية من ان تنتقل لها موجة الكراهية هذه وتؤثر على الأمن فيها. ودعت البي بي سي الحكومة البريطانية ضمنا لوقف بث هذه القنوات ومنعها من نشر الكراهية علنا. ويذكر أن الكثير من دعاة الكراهية، من الطرفين، قد أوقعهم تواضع خلفياتهم الثقافية والعلمية، وحتى الدينية، وميلهم للمبالغة وحتى الكذب في أحاديثهم، في مطبات عدة كشفت خواء فكرهم، ولكن أتباعهم، مع الأسف، في ازدياد، وبالتالي ليس لهذا الليل من آخر بغير القضاء المبرم على ابواق بث الكراهية ومنع تمويلهم. والمؤسف أنه بعد كل هذا يأتي سخيف ليدعي بأن الجهات أو الجمعيات الدينية، في الكويت، جميعها بريئة من اي اتهام تخريبي، وأن العالم شهد على براءة ذمتها!

أحمد الصراف 

 

 

الارشيف

Back to Top