المختبئون

كيف تسنى لمجموعة من السياسيين البسيطي السمعة والفهم، خاصة من المنتمين للأحزاب الدينية، أن يصبحوا بكل هذه القوة والسلطة، وتصبح لهم كل هذه الميانة على الحكومة؟ الجواب يكمن في عاملين رئيسيين، وعوامل أخرى أقل أهمية.
العامل الأول جهل معظم المسؤولين، أو تجاهلهم لحقيقة ما يشكله هؤلاء من خطر على العقد والسلم الاجتماعي، فقاموا بالتالي بتسليمهم مقاليد كثير من مفاصل الدولة، وبالذات التعليم والإرشاد، فأصبح لهؤلاء نفوذ وجيش من المؤيدين المؤمنين بدعوتهم. والعامل الثاني تعلق بما جمعوه من ثروات، ونجاحهم في توظيفها في مختلف المجالات، والإثراء الشخصي منها، وهذا أعطاهم زخما ماليا على مستوى التنظيم والمستوى الشخصي.
ورد، قبل أيام، على لسان النائب «أحمد الفضل» في مجلس الأمة، أن هناك نائبين في المجلس منتفعين انتفاعا كبيرا من صندوق إعانة المرضى، الذي لديه 150 محلاً ومطعماً، سبق أن حصل عليها من وزارة الصحة بلا مقابل، وقاموا بتأجيرها لهذين النائبين، وربما لغيرهما.
بعدها بثلاثة أيام، قام النائب «عادل الدمخي» المنتمي إلى حزب ديني معروف، والرئيس السابق لجمعية حقوق الإنسان، الذي نجح في كتم أنفاسها، بعد أن استولى عليها من الليبراليين العاجزين، قام «بقص الحق» من نفسه والاعتراف للصحافة بأنه دخل في عملية «استثمار» لمحال جمعية إعانة المرضى، وحصل لشركة يمتلك %34 من أسهمها، على 19 من محال الصندوق، وكان ذلك قبل أكثر من 10 سنوات!
والسؤال، أو حزمة الأسئلة، التي تثار هنا: هل حقا دخل في عملية استثمار أم استفادة؟ ولماذا «أعطت» الجمعية حق استثمار هذه المحال لهذين النائبين بالذات؟ وهل تم ذلك بمزايدة؟ وهل يؤمن من يديرون الجمعية بمبدأ الشفافية؟ ولماذا رضوا بأن تحصل جمعيتهم «الخيرية» على الفتات، ويحصل أصحابهم «والمنتمون لحزبهم» على حصة الأسد من دخل هذه المحال على شكل إيجارات مواقع وكهرباء وماء وخدمات مجانية، ولماذا «غضوا النظر» عن تقارير ديوان المحاسبة، التي اتهمت وزارة الصحة بحرمان الدولة من هذه الملايين، نتيجة عدم تحصيل فلس واحد من الصندوق مقابل الإيجارات والكهرباء والخدمات الأخرى لهذه المحال؟ ولماذا تجاهل مجلس إدارة الصندوق، وجميعهم من كبار الملتحين، صريح مطالبات وزارة المالية، منذ أربعة أعوام بضرورة قيام وزارة الصحة بإخلاء مواقع الجمعية في كل المستشفيات، وطرح حقوق استغلالها لمزايدة مفتوحة للجميع؟ وما الفرق بينهم وبين الآخرين، طالما أنهم بكل ذلك التدين؟
ننتظر من النائب الآخر، الذي له علاقة بمحال صندوق إعانة المرضى أن يكشف عن اسمه، وهو يعلم بأننا نعرفه، وهو المتصدي الأكبر لعملية إصلاح أخلاق أهل الكويت، التي كانت صالحة قبل أن يأخذ هو جنسيتها، بطريقةٍ ما!

• ملاحظة:
من المفترض، منطقيا ودينيا، أن المتأسلمين، خصوصا المنتمين للأحزاب الدينية، هم أكثر صلاحا من غيرهم. ولكن الواقع المعاش يقول إن معظمهم غير ذلك تماما، فقط انظروا حولكم!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top