حصى علي العبدالله

إن مشكلة سوء طرق الكويت وتطاير الحصى منها، التي كلفتني شخصياً مئات الدنانير، حتى الآن، هي مشكلة فنية بنسبة %5 وفساد بنسبة %95.
وقد أعلنت وزارة الأشغال مؤخراً عن عزمها صرف مبلغ بحدود 10 مليارات دولار لإعادة تأهيل الدائرين الثاني والثالث، وبضعة طرق أخرى، وربما مصير أغلبيتها سيكون مصير نفس طرقنا الحالية من فساد في التنفيذ، وإهمال في الصيانة.
إن صرف ما يقارب العشرة مليارات دولار على الطرق في دولة تعاني من انخفاض دخل زاد على النصف، يشكّل جريمة بحق الوطن.
فإنشاء طريق وصيانته ليسا بالمسألة الجديدة على الكويت التي عرفت مشاريع الطرق منذ أربعينات القرن الماضي. كما أن سوء حال الطرق حالياً لا علاقة له بطبيعة المواد المستخدمة، وهناك أدلة عدة على ذلك. فهناك طرق، وإن كانت نسبتها قليلة، لا تزال بحالة جيدة على الرغم من مرور سنوات طويلة على إنشائها، عندما كان الضمير في الأشغال أكثر يقظة، مقارنة بحال بقية طرقنا التي أصبحت سيئة، على الرغم من عدم مرور فترة طويلة على إنشائها، فكيف حدث ذلك؟ السبب يكمن في أن الأولى خضعت لرقابة صارمة، وخلت من «دهان السير»، أثناء تجهيز موادها وخلطها، ورصفها، والنوعية الثانية نالها ما نال مشاريع الدولة الأخرى من «فساد»! وما زلت أذكر أن طرق شركة نفط الكويت في الأحمدي، أيام الشركة الأجنبية، وقبل قدوم البعض من بلاعي البيزة لإدارتها، كانت في منتهى الجمال.
ويقول صديق خبير إن جودة الطرق في السابق كانت نتيجة لعمل جماعي مدعوم بأبحاث وخبرات متراكمة، وتطبيق صارم ودقيق للمكونات والتصنيع والتنفيذ من قبل متخصصين في المجالات المختلفة في صناعة الطرق الأسفلتية. وقال إنه حتى معدات وآليات المقاول كانت تخضع للفحص، من حيث العدد والصلاحية، قبل توقيع العقد معه، وهذا ما لا يطبق في غالبه حالياً.
إن عملية إنشاء الطرق عملية معقدة جداً من حيث المواد الأولية ومواصفاتها وتصنيعها ومن ثم فرشها. وقد قامت «الأشغال» في منتصف السبعينات، في عهد المرحوم حمود النصف، بإنشاء «مركز أبحاث الطرق»، وكان له دور كبير في تطبيق الجودة، التي اختفت الآن مع المركز.
وفي مفارقة مضحكة، نالت نصيبها من السخرية على وسائل التواصل الاجتماعي، قدّم سفير الكويت في فيينا مبلغ 100 ألف دولار لدعم أنشطة «أكاديمية مكافحة الفساد»، ولو دفع مثل هذا المبلغ لشخصية نظيفة وذات خبرة، كالمهندس علي العبدالله، المسؤول السابق عن الطرق في وزارة الأشغال، لمراقبة أعمال تنفيذ الطرق ابتداء من مصدر المواد الخام، وكل ما تتعرض إليه خطوات تصنيعها وتجهيزها المعقدة، وانتهاء بعملية تزفيت الطريق، لوفرنا مئات الملايين، ولحصلنا على طرق أفضل بكثير.

• ملاحظة:
عملية التبرع لمؤسسات خارجية تختص بمكافحة الفساد تشبه تجهيز طائرات لنقل المواطنين، مجاناً، لدول أخرى لتناول ما يرغبون فيه من محرمات فيها، وبعيداً عنا! ويغني فريد: قدام عني وبعيد علي، مقسوم لغيري وهو لي!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top