الأخلاق.. وإعادة الجناسي

أتمنى أن تنتهي فقاعة إعادة الجناسي المسحوبة ببقاء الوضع على ما هو عليه، ففتح هذا الباب لن يكون في مصلحة الوطن، فالمسألة ليست قضية سحب جنسية أشخاص معينين ثم إعادتها إليهم، لسبب أو لآخر، تحت هذا المسمى أو تلك التخريجة، بل المسألة تتعلق بالأخلاق، وكرامة النظام وهيبته.
فإما أن الحكومة كانت على خطأ، عندما سحبت حقوق المواطنة من عدد من الأفراد، أو أنها كانت على حق. فإن كانت على خطأ فإن مبدأ يجب أن يسري على كل من سحبت منهم جنسياتهم طوال العقود الماضية، وأعدادهم بالمئات. وإن كان قرار السحب صحيحا، فمن غير المقبول إعادتها، حتى ولو كان القرار قاسيا، فبقاء الوضع يحفظ هيبة الدولة، او ما تبقى منها في نفس المواطن، خاصة ان العلاقة بين المواطن وحكومته تشكو حاليا من فتور وبرود لم يسبق له مثيل، وقرار الإعادة سيعمق الهوة ويعزز الشعور بأن الحكومة تدار بالفعل بطريقة غير رشيدة على الرغم من كل مستشاريها، وأجهزتها القانونية، خاصة بعدما تسرب أو أشيع عن وجود اتفاق شفهي «يحصن» رئيس الوزراء من المساءلة أو الاستجواب إن هو وافق على إعادة الجناسي لمن سحبت منهم، هنا يصبح العمق الأخلاقي أكثر خطورة، فهذا ليس التفافا فقط، بل يرقى إلى درجة أكبر من هذا الوصف على أكثر مواد الدستور احتراما، وطعنة في أخلاقيات النواب المستفيدين من هذه الهرولة والكروتة في اتخاذ القرارات. فتعهدهم، وتعهد من سحبت جنسياتهم بعدم الانخراط مستقبلا في السياسة، إن أعيدت لهم جنسياتهم، لا يساوي شيئا بالفعل، حتى لو كان كتابيا وبحضور شهود، فليس هناك ما يمنعهم من العمل السياسي دون الظهور على المسرح السياسي، والدليل أن هناك «شخصيات متنفذة» تعمل بالسياسة بطريقة غير مباشرة، ومعروف جدا أسماء وتوجهات النواب الذين يعملون لحساب هؤلاء. وبالتالي سيعود من أعيدت جنسياتهم إليهم، بعد فترة قصيرة، لنفس نشاطهم السياسي العدائي السابق، بصرف النظر عن سابق تعهداتهم.
أقول هذا.. وليس بيني وبين السياسيين منهم أي علاقة أو عداوة شخصية، بخلاف ذلك الأمعة الذي أرسل مئات الشباب ليلقوا حتفهم في سوريا والعراق، ومنع في الوقت نفسه أولاده حتى من الاقتراب من مساجد السلف والإخوان، بل أعارض إعادة الجنسيات إليهم من منطلق الحرص على وطني الصغير الذي أصبحت العلاقة بين مختلف أطرافه بكل تلك الهشاشة.
***
ودعت الكويت قبل أيام الرجل الكبير محمد البدر، الذي كانت له معي مواقف رائعة، وكان نعم الرجل المخلص والوطني، الذي أثبت لنا جميعا أنه بالإمكان أن يعيش المواطن ويعمل في أخطر الأجهزة وأكثرها تخريبا للنفوس، ويترك دنيانا من دون أن تنخدش سيرته بشائبة فساد أو خراب واحدة.
كما غادر دنيانا جميل سلطان بن عيسى، الذي كان رائدا، قل نظيره، في الكثير من المشاريع الناجحة.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top