مخاطبة ضمائر النواب

أجرت القبس، على صفحتها الإلكترونية، استفتاء لآراء القراء، تعلّق موضوعه بمشروع قانون خفض سن التقاعد للموظف الرجل إلى 55 سنة، وخفض مدة خدمته إلى 25 سنة، وجعل سن التقاعد للمرأة 45 سنة، مع خدمة فعلية تبلغ 20 سنة. وكما هو متوقع فقط صوتت الغالبية لمصلحة مشروع القانون، فيما يشبه الانتحار الجماعي، الذي تقوم به قطعان الحيتان، عندما تتجه للشاطئ، محاولة إنهاء حياتها على الرمال!
إن مجرد التفكير في إمكانية صدور هذا القانون تجعلني أشعر بتقلب في معدتي، وإن حصل فسيمثل شهادة وفاة لأخلاقية دولة بكاملها، وشهادة عجز عن رؤية ما يمثله مشروع القانون من ظلم وإجحاف بحق الأجيال القادمة، واستهانة بمسؤولية الفرد تجاه المجتمع.
عندما تم تأسيس مؤسسة الضمان الاجتماعي، أو التأمينات، كان متوسط عمر الرجل والمرأة يقل عما هو عليه الآن. كما صاحب ذلك ارتفاع في معدل الحياة تحسن في صحة الفرد الجسدية والعقلية، وأصبح الكثيرون يشتكون من فراغ ما بعد التقاعد، والرغبة في العودة للقيام بعمل ما، حتى وهم في السبعين. وبالتالي كان من المفترض أن يقوم المشرع، كما هي الحال في كثير من دول العالم المتقدم، برفع سن التقاعد، وليس تخفيضها. فالرجل والمرأة عادة ما يلتحقان بالعمل بعد التخرج، الثانوي أو الجامعي، وهما في بداية العشرينات من العمر. وبموجب مقترح القانون فستتقاعد المرأة مثلا بعدها بعشرين عاما، وهي في بداية الأربعين، وحيث إن معدل حياتها في الكويت يقارب الثمانين عاما، فهذا يعني أنها ستبقى بلا إنتاجية ولا عمل لما يقارب الأربعين عاما، وأقل قليلا من ذلك للرجل، فهل يجوز هذا الكلام؟ وهل يعي المشرّع الفاضل ما يعنيه ذلك من استنزاف غير مبرر لأموال مؤسسة الضمان الاجتماعي، هذا غير التأثير السلبي لمشروع القانون، اجتماعيا وأخلاقيا؟!
إن القول إن إنتاجية الموظف الحكومي منخفضة أصلا، ومن الأفضل دفعه للتقاعد المبكر، لإحلال غيره مكانه، أمر غير منطقي، ولا يخفف من أعباء التأمينات الاجتماعية، وليس هناك ضمان بأن من سيحل محل الموظف المتقاعد سيعمل بشكل أفضل. والحل ليس في زيادة دوران التوظيف، بل بزيادة إنتاجية الموظف، وفرض ضرائب أعلى على أصحاب الشرائح الأعلى من كوادر الموظفين، التي يمكن من خلالها تعديل جزء من الخلل بين رواتب موظفي البلدية، ومن يماثلهم في مؤسسة البترول مثلا!
ومن هذا المنطلق نعارض بقوة مشروع التلاعب بقانون التقاعد. كما ونعارض بقوة أكبر أي تعديلات مقترحة على قانون الجنسية، التي يتوخى مساندوها تحقيق مصالحهم الشخصية، وإرضاء بعض قواعدهم الانتخابية على حساب مصلحة الوطن واستقراره.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top