تركيبة الصبيح

يعود سبب الخلل في التركيبة السكانية لفشل الحكومة في التصدي لهذه المشكلة، من دون إنكار دور السيدة وزيرة الشؤون في وضع الحلول لها، ولكن الموضوع يتعلق بالحكومة أكثر من تعلقه بوزير، لشعورها بأن أي تغيير جذري في التركيبة السكانية يمكن أن تكون له تبعات سلبية على مالكي العقار والتجار، وهذا ما لا تريده، علماً بأن أي تغيير بسيط في أنماط السلوك والمعيشة، وفي شروط المناقصات، يمكن أن يوفّر على الدولة مئات الملايين ويسهم جذريا في تعديل التركيبة السكانية.
فهناك مثلا ما لا يقل عن ألفي مقيم يعملون في خدمة إيقاف السيارات valet parking وهي خدمة يمكن أن تسند، بترتيب بسيط مع الداخلية والتأمين، لشباب من «البدون»، الموجودين أصلا بيننا، والأكثر حاجة من غيرهم للعمل.
ولو ذهبت في أي ساعة لرصيف المغادرة في المطار لوجدت عشرات العمال بانتظار تقديم خدمة النقل، وما يماثلهم في صالة الوصول، ووجودهم يزيد على الحاجة بكثير ويمكن تقليل عددهم للنصف، من خلال توفير عربات نقل جيدة، يمكن الحصول عليها بالدفع آليا، مثلما هو متبع في غالبية دول العالم المتمدن.
فالمواطن أو المقيم يستمر في اتكاليته، واعتماده على خدمات الغير، إلى أن تطأ قدماه أراضي مطارات العالم الأخرى فيصبح هناك أكثر اعتمادا على نفسه!
كما نجد أن عقود النظافة في كثير من الجهات لا تقتصر على التنظيف بقدر امتدادها لتقديم خدمات «حيوية» أخرى، وخاصة في المستشفيات ومراكز فحص العمالة، وغيرها من الجهات، حيث بإمكان دينار واحد تحويل الفرّاش البنغالي إلى أسرع مخلّص معاملات في العالم، حيث يخرجك من الطابور، ويأتي لك بالملف، وينهي المعاملة وأنت جالس!
وفي هذا السياق، جاء تصرح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية؛ ليكمل التلاعب في التركيبة السكانية، ويزيد الضغط على ميزانية الدولة المرهقة بقراره منح كل مؤذن وإمام مسجد، كويتي، علاوة 300 دينار لمعالجة عزوف الكويتيين عن العمل كمؤذنين أو أئمة، بعد أن أصبحت هاتان المهنتان طاردتين.
وجدت المساجد والمعاهد الدينية في الكويت منذ نشأتها، ومع هذا لا تزال الدولة عاجزة عن وقف «استيراد» من يقوم برفع الأذان وتولي الإمامة في المساجد!
كما أن الوزير لم يكتف بمنح العلاوة، بل اتبعها بقرار خفض حضور الإمام أو المؤذن للعمل إلى النصف تقريبا، أي حضورهم 85 «أمرا شرعيا»، بدلا من 150 في الشهر، أي مطلوب منهم إمامة الصلاة أو الأذان، نصف شهر تقريبا، وترك النصف الآخر للإمام أو المؤذن «الأجنبي»، يعني تحمّلت الخزانة عبء العلاوة وتركنا التركيبة السكانية كما هي.
لا أعرف حقيقة طريقة تفكير من اقترح على الوزير اتخاذ هذا القرار؟ وكيف يمكن أن تقنع من لا يريد العمل مؤذنا أو إماما بمنحه علاوة شهرية تبلغ 300 دينار، والطلب منه حضور نصف الصلوات، كل شهر، والغياب عنها بقية الشهر!
أمامنا أحد حلّين، إما ترك الحبل على الغارب وستبلغ نسبة الكويتيين %10 من السكان، وإما العمل على تعديلها بتطبيق، ولو البعض، من مقترحات وزيرة الشؤون هند الصبيح.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top