قرار غير مبرر

قررت وزارة الداخلية، من دون سابق علم ولا إنذار، وقف تجديد إقامات التحاق الوالدين والإخوة بمن يعيلهم في الكويت، وقصر «الالتحاق بعائل» على الزوجة والأبناء فقط.
وأوضح مصدر أمني أنه تم التعميم على المحافظات الست وقف تجديد إقامات الوالدين والأخوة لجميع الجنسيات، ومنح تلك الفئات إقامة مؤقتة لمدة 3 أشهر لتعديل أوضاعهم والمغادرة. وبرر الوكيل المساعد القرار بأنه يهدف إلى تصحيح الخلل في التركيبة السكانية!
لا يختلف أحد على ضرورة تعديل التركيبة السكانية، ولكن ليس بمثل هذه القرارات العشوائية. فعدد الآباء والأمهات، والإخوة والأخوات الملحقين بعائل في حدود 11 ألفا، والخلل في التركيبة يبلغ مليون مقيم، على الأقل. كما أن أفراد هذه الفئة الصغيرة «بغالبيتهم» يمثلون مصدر دخل كبير للدولة، مما يصرفه معيلهم على سكنهم ومعيشتهم. فإن كانوا يمثلون عبئا على الخدمات العامة، هنا يتم فرض رسم أو ضريبة سنوية عليهم مقابل كل الخدمات المجانية، التي يحصل عليها المعالون.
إن هذا القرار غير معقول، وأضراره العائلية والنفسية والمادية كبيرة، فكثير من هؤلاء الذين سيتم إنهاء إقاماتهم لا توجد لغالبيتهم بيوت ولا أسر خارج الكويت، وبالتالي يجب أن تدرس حالاتهم فردا فردا قبل إنهاء إقاماتهم بطريقة تعسفية. وأن يبقى الحال على وضعه، على أن يطبق القرار على الوافدين الجدد، بحيث يكون في علمهم، منذ اليوم الأول من حصوله على الإقامة، بأنهم غير قادرين على إعالة أحد غير الزوجة والأبناء!
إن الخلل في التركيبة السكانية مأساة، والمشكلة في تفاقم مستمر، يا سيدي الوكيل المساعد. ولا نملك إلا الاتفاق معك على خطورة بقاء الوضع على ما هو عليه، ولكن ليس على حساب هذه الفئة حتما. فتعديل التركيبة السكانية قرار سياسي، وليس فنيا، ويجب أن يتخذ، وأنت وأنا وغيري نعرف كيف يمكن تعديل التركيبة من دون المساس بمثل هذه الفئات. فعندما تسافر عن نفس الطريق الذي نسافر من خلاله في المطار ستصدمك حتما الأعداد الكبيرة من عمال نقل الحقائب العاطلين عن العمل، الذين يمكن الاستغناء عنهم من خلال اتباع تقنيات حديثة وأساليب اجتماعية، يتبعها أصلا المواطن والمقيم في كل دول العالم من دون تذمر.
وبالتالي بدلا من التخلص من الفئات التي تنفق أغلب ما تكسبه داخل الكويت، فإن من الأفضل، أمنيا واجتماعيا، التخلص من الفئات التي لا فائدة اقتصادية منها، والتي تقوم بتحويل كل ما تكسبه تقريبا للخارج.
ولو قمت يا سيدي الوكيل بمراجعة سريعة لعقود توفير الأيدي العاملة لأغراض الحراسة والنظافة، وغيرها من خدمات العمالة المكثفة، لوجدت أن بالإمكان توفير مئات آلاف الوظائف، من دون الإخلال بالنظافة ولا بالأمن، ولا بالنظام!
نعيد ونقول إن قرار تعديل التركيبة السكانية سياسي، أكثر منه أي شيء آخر، واعتقد أن السيدة الفاضلة وزيرة الشؤون تعرف ذلك، وهي بحاجة إلى تعاون الجميع معها!
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top