خالد الروضان
عانيت طوال أكثر من أربعين عاما من جور وتعسّف وتخلّف كثير من أنظمة وزارة التجارة، من بين وزارات أخرى طبعا، بسبب غريب وسخيف الطلبات، خاصة عند طلب عقد جمعية عمومية عادية أو غير عادية، وما سأذكره تاليا لا مبالغة فيه.
ففي نهاية كل سنة مالية، وبعد تجهيز ميزانية الشركة من قبل مدقّقي حساباتها، يقوم أصحاب الشركات بتقديم طلب «دراسة الميزانية»، بعدها يتم التزويد بنسخ منها لدراستها وإبداء الرأي في بنودها.
بعد مراجعات وسؤال، وغالبا لا جواب له، وانتظار يطول أحيانا لأسابيع، يتم إما رفض الميزانية، وإما قبولها، كما قدمت، إن لم توجد عليها أي ملاحظات.
بعدها تقوم الإدارة المختصة في التجارة بالطلب من أصحاب الشركات، ولا استثناء هنا، التي تريد عقد جمعياتها العمومية، تقديم مسودة لجدول أعمال الجمعية العادية، أو غير العادية، حسب الظروف، لتقوم الإدارة، التي عادة ما تكون الأكثر مناكفة وفلسفة في طلباتها ورغباتها، بتحديد موعد يطول أحيانا لشهر للانتهاء من دراسة مسودة جدول الأعمال.
وبعد مكاتبات ومراجعات وشطب وتغيير، تتم الموافقة على جدول الأعمال، حسب أمر ورغبة موظف الوزارة.
تقوم الشركة بعدها بطبع جدول الأعمال بالصورة التي طلبتها الوزارة، وتعبئة نماذج عديدة أخرى تتعلق ببيانات الشركة والشركاء ومديريها.. إلخ، والانتظار لعدة أسابيع؛ ليقوم السيد المسؤول بتحديد موعد عقد الجمعية العمومية، وغالبا في مكاتب الوزارة بمجمع الوزارات.
وفي الموعد المحدد، وبحضور مساهمين يمثلون الحد الأدنى من حملة أسهم الشركة (أو مالكيها) لضمان النصاب القانوني، وبحضور ممثل عن مكتب تدقيق حسابات الشركة، يتبيّن أحيانا أن ممثل وزارة التجارة، الذي لا تصبح الجمعية العمومية صالحة بغيره، غائب، ولم يحضر في الموعد المحدد، الذي قام هو أصلا بتحديده. وما على الحضور هنا إلا الانتظار، أو الانصراف وتحديد موعد آخر، وهذا حدث معي أكثر من مرة، ولكنه أمر نادر غالباً.
بعد إقرار الحسابات المالية، وتصديق ممثل وزارة التجارة على كل البنود، من دون اعتراض، يتم الطلب من الشركة طباعة جدول الأعمال، ليتم إقراره، بشكله النهائي من الإدارة المختصة، وتزويد الوزارة بنسخ مطبوعة وموقعة منه، وأيضا لأخذ موافقتها عليه.
بعد شكاوى عدة، قامت الوزارة قبل عام بتسهيل الأمر قليلا، من خلال وضع مختلف الطلبات على الإنترنت، فقلل ذلك من المراجعات الشخصية إلى النصف، وقلل قليلا من المعاناة، ولكن التسلّط غير المبرر على أنشطة أصحاب الشركات استمر كما هو.
وعندما قبل السيد خالد الروضان تولي حقيبة وزارة التجارة، بعد تردد، استبشرنا خيرا به، فهو شاب صاحب طاقة، وصاحب خلفية تجارية معروفة، وكان بالفعل عند حسن ظننا، حيث قام بإحداث تطور واضح في عمل الوزارة، وفي الهيئات والجهات التابعة لها. كما نجح مؤخرا في استصدار قانون من مجلس الأمة ينص على أنه يكفي لصحة انعقاد الجمعيات العمومية مجرد إخطار الوزارة بجدول الأعمال وميعاد ومكان الاجتماع، وهذا القانون الذي طال انتظاره، رفع عبئا كبيرا عن كاهل أصحاب عشرات آلاف الشركات، نتمنى بقاءه في الوزارة، ليكمل إصلاحاته.
الارشيف

Back to Top