سمو الرئيس.. أرجوك اسمعني!

لا شك أن سموك يعلم حقيقة أنها لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك. وبالتالي فأنت لست بدائم في هذا المنصب، وسيكون جميلاً ورائعاً لو ختمت أيامك فيه بإنجاز رائع يحسب لك أبد الدهر، وقد خطوت أنت الخطوة الأولى، وهي الأهم، في رحلة الألف ميل.
لقد مللنا يا سيدي وطلعت روحنا وأصابنا القرف والإحباط واليأس، وغزتنا مشاعر سلبية كثيرة أخرى بعد كل هذا التردي في مؤشرات الفساد خلال السنوات القليلة الماضية، بحيث أصبحت معظم مؤسسات الكويت مرتعاً ومزرعة للفاسدين ومعدومي الذمة والضمير.
كيف يمكن أن نقبل سرقات مليارية كالناقلات والداو والعلاج بالخارج، ونقف مكتوفي الأيدي لا نستطيع فعل شيء.
كيف تقبل يا سمو الرئيس أن تصبح الكويت، هذه الجوهرة الرائعة، التي كان العالم أجمع يحسدنا عليها، بهذا الوضع المخيف من التسيب والفساد، بحيث انحدر ترتيبنا من الدرك الـ53 إلى الدرك الـ85 خلال ثلاث سنوات.
كيف سكتنا عن سرقات «كبت أمي»، وسرقات معظم الجمعيات التعاونية، وبائعي الأطعمة الفاسدة، ومهربي حاويات المشروبات، وسرقات معظم مقاولي الطرق وغيرهم، وموردي الأثاث الخرب والأدوية مع مهربي الممنوعات للسجن المركزي، ومهربي المطلوبين من مختلف المنافذ البحرية والبرية، وسرقات مواد التموين، وسرقات المعاقين، وسرقات دعم العمالة، وسرقات معونات كبار السن، وسرقات هيئات الأوقاف، وسرقات ضيافة الداخلية، والاستثمارات، والمكاتب الصحية، وأموال المتقاعدين، والمتاجرين بالبشر، وما اكثرهم، ومئات الفضائح الأخرى التي لا مجال لحصرها هنا، ولا تحصرها الذاكرة أصلاً.
لقد خطوتم سموكم الخطوة الأولى بقرار مجلس الوزراء تشكيل لجنة من عدد من وزارات ومؤسسات الدولة، بهدف بحث اسباب تراجع مركز الكويت في مؤشر مدركات الفساد العالمي لعام 2017، وإعداد الآليات لتعديل المركز وفق المعايير التي تحرص عليها الدولة، وهذا رائع وجميل! ولكن سموك يعلم اكثر من غيره مصير عشرات اللجان، التي تم تشكيلها في عهدك وقبل ذلك، وانتهت إلى «لا شيء»، وبالتالي سنضع أمانة هذه اللجنة في عنقك، فهي الأمل الأخير في وقف تدهورنا المستمر، ونقدر لك استياءك مما تنقله وسائل الإعلام عن تدهور مركز الكويت، نظرا الى ما يمثله هذا الأمر من إساءة الى مكانتها وسمعتها، ولأسرة الحكم الكريمة، ولكن الاستياء بحد ذاته ليس بكاف.
إننا لا نطالبك بالكثير، بل فقط بتطبيق القانون، فقط تطبيق القانون، لا شيء غير تطبيق القانون، والتعجيل في تنفيذه، فهل تفعلها يا بوصباح؟
وإن فعلتها يا سمو الرئيس فإن قلوب أمهات الكويت ستطمئن على مستقبل ابنائهن وأحفادهن، وستتحسن بيئة الأعمال، وسيشعر المستثمر الأجنبي بالاطمئنان، وستتحسن اسعار البورصة، وهنا فقط سنخرج من وضعنا المعيب والمخجل في مؤشرات الفساد العالمية، وستعود الكويت كما نريدها أن تكون.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top