الموانئ ودريد بن الصمة

بالرغم من علاقتي «التاريخية» بشركة الرابطة للنقل، التي تعمل أساساً في أعمال المناولة في الموانئ، أو ما يعرف بـ«حمال باشي»، التي تعود الى أكثر من ثلاثين عاماً، عندما كنت مسؤولاً مصرفياً عن تقديم عشرات الملايين لهذه الشركة في صورة تسهيلات مصرفية، إضافة لعلاقتي بكبار ملاكها الرئيسيين، ومن ثم امتلاكي في مرحلة لاحقة لبعض أسهمها وشقيقاتها الحزينات، فإنني لم أتوان يوماً أو أتردد في الكتابة عن سوء إدارتها للموانئ، وما عليها من مخالفات أخرى، وهي المخالفات التي سبق أن شاركني المرحوم أحمد الربعي في الكتابة عنها، بعد أن قمنا معاً بزيارة «سرية» الى أحد مواقع الشركة والكتابة عن حجم المخالفات فيها.
تسببت كتاباتي في إنهاء علاقتي تقريبا بملاك الشركة الرئيسيين، وتعرضي لهجوم بغيض من بعضهم، وحتى لبعض الضغوط الخفيفة لوقف الكتابة عن الشركة، وكان للكابتن البحري عصام المذن دور كبير في كشف الكثير من الملابسات، التي أحاطت بمخالفات الشركة منذ اليوم الأول، وأعتقد أن كشفه للكثير من «خمال» الشركة عرضه لغضب بعض كبار المسؤولين في الموانئ، المتسترين ربما على المخالفات، فتسبب ذلك في تأخير ترقياته، كما أدى إصراره على كشف الأخطاء لإحالته الى النيابة في أكثر من تهمة.
لست «سعيداً» حتماً لرؤية بعض مسؤولي الشركة السابقين وراء القضبان، وأمامهم أكثر من مرحلة لإثبات براءتهم من كل ما تم توجيهه لهم من تهم، ولكن إن ثبت عليهم ما سبق ان اتهموا به، وهذا ما لا نتمناه، فما هو حكم من ساعدهم من كبار المتنفذين في الدولة، سابقين أو لاحقين، في ارتكاب ما هم متهمون بارتكابه؟ ولماذا اصبحنا نرى تكرارا مملا وخطيرا في عدم مساءلة المتنفذين ومحاسبة من هم أقل؟ وكيف يمكن أن نقبل قيام مسؤول حكومي بالمشاركة في مئات ملايين الدولارات من المال العام في صندوق تديره مؤسسة غير متخصصة، وعملها الأساسي ينحصر في النقل؟ وبعد كل ذلك نوجه الاتهام للشركة بتبديد أموال الصندوق، ولا نتساءل من الذي وافق، في الحكومة، على المساهمة في الصندوق؟ وكيف يمكن قبول توقيع اتفاقية شراكة او استثمار بين الدولة طرفاً والشركة نفسها طرفاً آخر، ويقوم شخص واحد بتمثيل الحكومة من جهة والشركة من جهة أخرى، وتوقيع الاتفاقية بين الطرفين، ويحدث كل هذا من دون أن يرفع مسؤول حتى حاجبيه استنكاراً؟
لقد كتبت أكثر من عشرة مقالات في هذا الموضوع، ونصحت، أو كما يقول دريد بن الصمة:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد، ولكن لا أحد أراد أن يتحرك في حينه، وبالتالي زادت شهية بعض مسؤولي الشركة لارتكاب المزيد من المخالفات مع كل سكوت يتبع كل مخالفة، حتى وصلنا إلى الوضع البائس الذي نحن فيه!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top