إعادة الجناسي أو الحريق

في مقابلة تلفزيونية للعسكري والنائب السابق ناصر الدويله، ذكر أن السياسي لا مذهب ولا ذمة له، بل له مصلحة! وهذا ينطبق على السياسي الحزبي وعلى كل من يتعاطى في السياسة، والعمل السياسي أحقر مهنة «يشتغلها» الإنسان، فالسياسة مهنة حقيرة جدا، والسياسي حقير! وقال انه يعد نفسه من السياسيين وأنه مارس دجلهم، ونجح…!
كان لا بد من هذه المقدمة قبل الدخول في موضوع مقال اليوم، مع تأكيد عدم اتفاقنا مع ما ورد على لسان «المتنبئ الاستراتيجي»، ناصر الدويله، كما يصف نفسه.
أعترف بأنني شعرت بالحزن بعد قراءة أسماء بعض من أعيدت لهم الجنسية، خاصة ان قرار الإعادة صدر من لجنة رئيسها قاض سابق، ولكن غاب عنها بيان الأسباب التي دعتها لإعادة الجنسية، كما هو متبع في أحكام القضاء، خاصة ان شكوكا أثيرت حول اتفاق بين الحكومة وبعض نواب التأزيم، بحيث تعاد الجناسي مقابل إفشال هؤلاء استجواب رئيس الحكومة! وهذا يعني ببساطة، كما حدث في مرات سابقة، انه كلما أراد البعض الحصول على المستحيل من الحكومة فما عليهم غير التهديد باستجواب سمو رئيسها، ويكون لهم ما يريدون، ولو كان مستحيلا أو شكل تهديدا لمصلحة الوطن العليا!
والمؤلم حقا أن نرى الحكومة لا تفعل شيئا لوقف هذا الابتزاز، وتوقف معه تعريض الوطن للخطر، وتكرار التهديد بتصدير أزماتنا الداخلية للخارج، فإعادة الجناسي فتحت حقا شهية المستجوبين المحتملين مستقبلا، وما عليهم سوى التهديد بالاستجواب.
إن الموقف من إعادة جنسيات البعض لا يحتمل الكثير، فإما أن قرار سحبها كان صحيحا، وما كان يجب أن تعاد لهم أصلا. أو ان قرار سحبها كان ظالما، ويجب بالتالي تعويضهم عن كل الخسائر المادية والنفسية التي تعرضوا لها. وبغير ذلك فإن قرار الإعادة بغير توضيح الأسباب التي دعت لذلك يعتبر في حكم «التنازل»، وهو أمر لم يكن يليق بحكومتنا الإقدام عليه، خاصة أن واحدا على الأقل ممن أعيدت الجنسية لهم سبق أن صدر اتهام صريح بحقه من قبل اللواء الشيخ مازن الجراح الصباح، عندما ذكر في مقابلة تلفزيونية، وردا على سؤال المقدم، بأن سحب الجنسية جاء بناء على ما تطلبته مصلحة البلاد العليا، وان من سحبت جنسيته سعى الى تقويض الأمن!
نعيد القول ونكرر: إما ان قرار لجنة القاضي الفاضل علي الراشد صحيح، وهنا يتطلب الأمر مساءلة اللواء الجراح عن حقيقة ما ذكره في تصريحه، أو أن ما قاله صحيح، وبالتالي ما كان يجب إعادة الجنسية.
ملاحظة: جاء على لسان نائب فاضل ان قرار إعادة الجنسيات أطفأ حريقا، وهذا قد يكون صحيحا. ولكننا بدلا من أن نضرب على يد من أشعل ذلك الحريق، توسلنا إليه السماح لنا بإطفائه، وله بعدها ما يريد.

الارشيف

Back to Top