منافع ومدافع كلية الشريعة

أولاً، وقبل الدخول في موضوع هذا المقال، أود التأكيد بكل ثقة بأننا بحاجة إلى وجود معهد أو كلية أو شيء مشابه لذلك لدارسي الشريعة الإسلامية، ولكن شريطة عمل خريجي هذه المعاهد أو المدارس في المجال الذي تخصصوا به ودرسوه، وليس استخدامه للوصول لوظائف أخرى لا علاقة لها بالشريعة وتفرعاتها. فلو نظرنا للوضع الحالي، السائد بشكل واسع، لوجدنا أنه حتى واحد في المئة من الذين أنهوا دراساتهم في مثل هذه المعاهد والكليات، منذ أن كانت فرعاً من كلية الدراسات القانونية، وحتى بعد فصلها، من دون سبب وجيه، لم يعملوا في المجال الذي درسوا فيه، بل استغلوا الشهادة الدينية، والواسطات الحزبية طبعاً، للوصول لمناصب مرموقة، وغير دينية غالباً، سواء بالعمل في جهات التحقيق في وزارة الداخلية أو في المحاماة أو في وزارة العدل، مدفوعين بالدراسة السهلة في الشريعة، مقارنة بدراسة التخصصات القانونية مثلاً.
وعلى الرغم من الطابع الديني الوقور لكليات الشريعة، فإنه من المعروف أن هناك صراع داخل سياسياً «حامي الوطيس» في كلية الشريعة بين مختلف الأحزاب الدينية، خاصة حزبي السلف والإخوان، وذلك على كسب مناصب الكلية الإدارية والتدريسية، وعلى قلوب وأفئدة الطلبة فيها، وهم وقود المستقبل في هذه الأحزاب. ومعروف أيضاً أن خريجي هذه الكلية يحققون سنوياً مراكز متقدمة بين الحاصلين على الامتياز من خريجي الجامعة، والمكرمين من بعض الجهات العليا، وأسباب ذلك معروفة وتعود غالباً إلى بساطة المنهج، وللتعاون الجلي بين المدرسين المسيسين دينياً في الغالب، وطلبتهم الأكثر تسييساً، هذا غير سهولة الامتحانات. والخطير في الأمر أن انغماس الأساتذة في وحول السياسة وتفرعاتها واستقطاباتها أثر كثيراً على الطلبة وقسّمهم بعمق حزبياً ودينياً، والأخطر من ذلك أن هذه النوعية من الدراسة تبعد أغلبية طلبتها عن الروح الوطنية، وتضعف الانتماء له.
والغريب أن كلية الشريعة والدراسات الإسلامية تخرج سنوياً أعداداً كبيرة من الإناث، وتزيد أعداد الحاصلين منهن على درجات الامتياز على الذكور بكثير، ربما لقدرتهن الأكبر على الحفظ والصم. ولا أدري حقيقة ما حاجة دولة صغيرة مثل الكويت لمئات البنات من خريجات الشريعة، إلا إذا كان ذلك مؤشراً آخر على صحة ما ذكرناه أعلاه!
كما أن عدداً لا بأس به من طلبة الكلية يحصلون، بضغوط عائلية وحزبية، على بعثات لدراسة الدكتوراه، وهذه من الأمور الغريبة بالفعل، فشهادة الدكتوراه تتطلب عادة الخروج بفكرة مستجدة، والكتابة عنها، ولا أعرف حقيقة ما الأمور المستجدة في الدين؟.
وأثبتت وقائع كثيرة أنه كلما زاد عدد المنتمين لأي تنظيم حزبي أو سياسي في الكلية، تمكن عدد أكبر منهم من إكمال دراساتهم «العليا»، وزيادة حظوظهم في دخول المعترك السياسي تالياً، وخوض الانتخابات البرلمانية، والأمثلة التي أمامنا لا تحصى.
كما أن الدعوة لإنشاء جامعة مستقلة للشريعة غير مجدية، والأفضل إعادتها إلى ما كانت عليه، جزءاً من كلية الحقوق، ومراقبة مخرجاتها بشكل أكثر صرامة، فيكفينا العدد غير المسبوق من خريجيها المدرجين ضمن قوائم الإرهاب..!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top