علي الصلابي ونايف العجمي

يُنقل عن رجل الدين الليبي علي الصلابي قوله إن هناك ثلاثة فروق بين المسلم الحق والمسلم المتشدّد، وقد أضفنا لفروقه بُعداً ثالثاً، لا يمكن أن تخطئه عين القارئ:
1 – المسلم الحق ينشغل بإيمانه، اما المسلم المتشدّد فينشغل بإيمان غيره.. وينشغل غير المسلمين بالعمل والإنتاج.
2 – ينشغل المسلم الحق بالسعي لإدخال نفسه وأهله وغيره الجنة. وينشغل المسلم المتشدّد بالسعي لإثبات أن غيره لن يدخل الجنة.. أما بقية البشر فشغلهم الشاغل إعمار الأرض وزيادة إنتاجها من المواد الغذائية والمعادن بأنواعها، واختراع ما يسهّل حياة البشر واكتشاف القارات ومصادر المياه، وإنتاج أفضل الأدوية والأمصال لتخفيف معاناة «كل البشر».
3 – المسلم الحق يبحث عن الأعذار لهفوات وأخطاء الآخرين ليغفر لهم، أما المسلم المتشدّد فإنه يُمضي وقته في التفتيش عن أخطاء الآخرين وهفواتهم لمعاقبتهم والتشهير بهم.. أما العالم الآخر، فيبحث عن أمور أخرى مختلفة، ويسعى جاهداً لتوفير أفضل سبل التعليم لأبنائه، والتعايش مع الآخر تحت مظلة مبادئ حقوق الإنسان المشتركة.
* * *
تذكّرت أقوال علي الصلابي، وأنا أقرأ تغريدة لنايف العجمي، والتي ذكر فيها بأن الدنيا «وسخ»، وعلينا جميعا أن نعمل للآخرة! وهذا جميل ويتفق مع بعض النصوص، ويخالف بعضها الآخر. فإن كانت الدنيا «وسخاً» ففلوسها عنوان وساختها، بل وأكثر ما فيها وساخة، وهي ربما رب الشرور، فلِمَ قَبِلها كرواتب ومكافآت، ولم يتبرّع بها للغير؟ وإن فعل فلِم لم يخبرنا بذلك ليكون قدوة لنا جميعا؟ وإن كانت الدنيا «وسخاً» فهي تحتاج لمن ينظفها، ومن يعمرها، ونحن مطالبون دينيا بالسعي في الأرض وتعميرها؟ وإن كانت وسخا والآخرة هي الأولى بالاهتمام، فمن الذي سيطعمنا في وقت المجاعة، ويكسينا في عرينا، ويقدم لنا العلاج لنا إن مرضنا، ويزوّدنا بأمصال التطعيم إن فتكت الأوبئة بنا، ويساعدنا بمختلف المعونات، إن زلزلت الأرض زلزالها تحتنا، وأخرجت لنا شرورها وأثقالها؟ ومن الذي سيمد لنا يد العون إن تهجّرنا من ديارنا، وأغرقت أمواج البحار وسيول الأمطار بيوتنا؟
وإن كانت الدنيا «وسخاً» فلِم قبل معاليه المنصب الحكومي المرموق وحرص على مجالسة علية القوم، وارتدى فاخر الثياب، وتعطّر بأغلى الأطياب.. والدنيا وسخ في وسخ؟
من جانب آخر، سبق أن ورد في خبر لوكالة الأنباء الكويتية في مايو 2014 أن وزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت نايف العجمي قد تقدّم باستقالته من منصبه، بعدما اتهمه مسؤول أميركي كبير بالدعوة للجهاد في سوريا وتمويل الإرهاب.
نقول ذلك لكي نطرح السؤال التالي: إن كان واحد من كبار مستشاري الدولة يؤمن بأن كل عملنا في هذه الدنيا وسخ، فكيف يمكن الأخذ باستشاراته الدنيوية، وهو لا يعمل إلا للآخرة؟
يقول حكيم إن العلم يجعلنا نعلم شيئاً ما، والجهل يجعل الجاهل يجهل حتى أنه جاهل!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top