جنان التي جنَّنت المتلاعبين

ورَدَ على الصفحة الأولى من جريدة السياسة قبل أيام تصريح على لسان جنان بوشهري، وزيرة الاشغال وزيرة الإسكان، ذكرت فيه أن دار الدويلة للهندسة لم تنفّذ بنود عقد بناء «مدينة صباح الأحمد»، على الرغم من مرور عشر سنوات على الانتهاء من المشروع. وورد فيها أيضا أن ديوان المحاسبة سجل ملاحظات عدة على الدار، ووجد بنودا غير آمنة إنشائيا في مخططاتها.
نترك الخبر أعلاه برسم من يهمه الأمر ولمن لم يطلع على خبر «السياسة»، في حينه.
* * *
وبما أننا في معرض الحديث عن الوزيرة الفاضلة جنان بوشهري، فإن من المهم توضيح أمر قد لا يعرفه الكثيرون. فبعد الضجّة الكبيرة والمبررة التي تبعت الخراب الكبير الذي أصاب مختلف طرق الكويت الداخلية والسريعة، بعد سقوط الأمطار في نهاية أكتوبر الماضي، وما تسبّبت فيه من خسائر مادية للجميع، قامت وزارة الأشغال بعدها بفترة قصيرة بكشط القشرة العليا من الطرق التي خربت تماما، تمهيداً لإعادة رصفها، ولكن الوزيرة جنان أوقفت العملية وطالبت المسؤولين بإعادة النظر في مجمل عملية صنع المواد التي تستخدم في الرصف وفي عملية الرصف نفسها ومن يقوم بها، وصلاحية مختبر مواد الطرق وكفاءة شركات المقاولات، وأعتقد أنها صدمت من حجم الخراب في كل هذه الجهات، وهذا ما سبق أن ذكرناه في أكثر من مقال، من ان مشكلة الطرق لدينا أخلاقية قبل ان تكون فنية، وانها ليست نتيجة مقاول فاسد أو مختبر سيئ فقط، بل مجموعة متكاملة من الحلقات المهترئة.
فمادة الرمل مثلا التي تستخدم كحشوة filler لبقية مكوّنات مادة الرصف، يتم عادة غسلها (إن غسلت) قبل استخدامها، ولكنها لا تترك لكي تجف، وهذا أمر ضروري. كما تبيّن أن مادة البيتومين الرئيسية في عملية الرصف تناقصت جودتها أو لزوجتها لدرجات كبيرة، مقارنة بما كانت عليه قبل عشر أو عشرين سنةً مثلا. كما أن إصرار إدارة المرور على قصر إغلاق الطرق التي يتم تزفيتها حديثا على 6 ساعات بدلا من 12 مثلا يقلل من جودتها، إضافة إلى أن المركز الحكومي للفحوص والمختبرات وضبط الجودة، الجهة المتخصصة في أعمال الفحص واختبار المواد المستخدمة في الإنشاء وأعمال الطرق، ليست بالمستوى المطلوب، على الرغم من أنها انتقلت قبل أقل من عام الى مبنى حديث. ولم يسمع أحد يوما رأيها، حسب علمي، فيما اصاب طرق الكويت من تلف كبير، تتحمّل هي جزءا من المسؤولية عنه. كما تبيّن أن غالبية مقاولي الطرق غير مؤهلين، وبالتالي سيتم استبعاد الكثيرين منهم من أي مقاولات مستقبلا.
من كل ذلك، يتبيّن أن علينا جميعا التحلّي بالصبر وإعطاء الوزيرة بوشهري الوقت الكافي لعلاج كل هذه المشاكل قبل السماح بإعادة رصف متر واحد من الطريق، لكي لا تعود الطرقات وتتعرّض للخراب عند أول عاصفة مطرية، وهذه قادمة، لا محالة في أبريل القادم.
إن نجحت جنان بوشهري في عملها فستدخل التاريخ، وستكون مكانتها بمصاف الوزير الراحل حمود النصف.
ملاحظة: تقدمت الوزيرة بوشهري ببلاغ للنائب العام للتحقيق في ما اثاره النائب المويزري من انها زوّرت معلومات وزيّفت حقائق في ردها على سؤال برلماني!
هذه مبادرة غير مسبوقة في التاريخ السياسي في الكويت، وخطوة ذكية، فهي لم ترد على النائب وتتهمه بعدم ذكر الحقيقة، بل تركت للنيابة العامة ان تقول ذلك، وبعدها سيكون لها حق مطالبته برد الاعتبار، وربما التعويض.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top