الديوان.. ظالم أم مظلوم؟

أصاب الحزن الكثير من المخلصين لهذا الوطن الصغير لقراءة وسماع كل هذا اللغط، الذي أصبح يدور عن وجود تجاوزات في «ديوان المحاسبة». وتعززت الشكوك أكثر مع صمت الديوان، أو محاولة إدارته العليا النأي بنفسها، عما يتم تداوله من إشاعات، خاصة في وسائل التواصل، بهذا الخصوص، وهذا ليس بالاسلوب الصحيح للتعامل مع مثل هذه الأخبار، أو الإشاعات.
نص دستور الكويت، الذي صدر في 11 نوفمبر سنة 1962، على ضرورة إنشاء ديوان تكون له استقلالية تامة، ومهمته مراقبة مالية الدولة، وذلك إيمانا من المشرع بحرمة المال العام، وضرورة حمايته لضمان جبايته كاملاً، وإنفاقه فيما يدعم المجتمع ويعود عليه بالنفع من دون إسراف أو تقتير.
وبالرغم من ان الديوان ملحق، دستورياً، بمجلس الأمة، فإن مهمته تكمن أيضا في معاونة الحكومة في الرقابة على إيرادات ومصروفات الدولة، وانها تنفق ضمن حدود الميزانية، وبالتالي عليه تقع مسؤولية تقديم تقرير سنوي بملاحظاته للطرفين.
اعتمد نجاح الديوان في عمله غالباً على قوة أو ضعف شخصية من يترأسه. وقد تولى إدارته عند تأسيسه حمود الزيد الخالد، وخلفه عام 1965 أحمد محمد المرزوق، ثم فجحان المطيري عام 1974، وسالم المضف عام 1975، وفارس الوقيان عام 1982، وبراك المرزوق عام 1982، وأخيرا عبدالعزيز العدساني عام 2009، ولم يتم تعيين رئيس للديوان بعد وفاة العدساني عام 2015.
ومع شدة فعالية وأهمية الديوان فإن البعض يأخذ عليه تأخره، ربما المتعمد أحياناً، في إقرار أو الموافقة على الكثير من المناقصات الحيوية، وضرورة أخذ موافقته المسبقة على اي مشروع تزيد تكلفته على مئة ألف دينار، وكيف أن هذه الرقابة المسبقة تؤخر إنجاز الكثير من المشاريع.
وزادت مسؤولية الديوان مع بداية التسعينات، عندما سمح قانون حماية الأموال العامة له بمد ذراعه الرقابية لتشمل الاستثمارات الخارجية.
كما تم دعم موقف الديوان بتأسيس جهاز المراقبين الماليين عام 2015 ليقوم بمهمة الرقابة المسبقة على الصرف في مختلف الجهات الحكومية، وبالتالي فرقابته أكثر وقائية من الديوان.
وبالرغم من اختلافي الفكري مع النائب عدنان عبدالصمد، فإن من المهم هنا الإشادة بدوره الحاسم في الرقابة على مصروفات الدولة، وفي تأسيس جهاز المراقبين. ونتمنى أن نسمع من ديوان المحاسبة ما يبدد شكوكها في وصول وُحول وغول الفساد لبعض كوادره. وأن يتوقف التعيين السياسي في بعض أجهزته، ولا نريد حتماً لأجهزة الرقابة المالية أن تفقد ثقة الشعب بها، خاصة بعد السمعة الإقليمية والعالمية، التي حظيت بها طوال سنوات، والتي كانت بالفعل مصدر فخر لنا جميعا، وأن يتم إبعادها عن اي تجاذبات، وألا تخضع لأي نفوذ سياسي، وان تكون الحيادية والاحتراف هما مسطرتها في أداء وظيفتها الحيوية.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top