النحاسة في البث الأجنبي

أصدرت وزارة الإعلام قبل 40 عاما تقريبا تعميما، حظرت فيه على الفنادق، وربما جهات أخرى، عزف أي نوع من الموسيقى في مطاعمها من دون الحصول على موافقتها الخطية، بما في ذلك عزف البيانو في بهو الفندق، وهنا نقصد فقط العزف وليس الغناء، فهذه كارثة أخرى.
وزيادة في «النحاسة» فقد جعلت الوزارة مدة الترخيص شهراً واحداً، ومن يرغب يجدد شهرياً، والسر في ذلك هو منع العزف في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر، لعدم مشاركة المسيحيين والعالم احتفالات الكريسماس ورأس السنة!
تذكرت هذه النحاسة عندما أخبرني أكثر من مقيم أجنبي بأنهم يحرصون على الاستماع منذ سنوات لإذاعة الكويت، التي تبث لساعات قليلة ومحدودة من اليوم بلغة بلادهم، ويأتي حرصهم من رغبتهم في معرفة أخبار الدولة الرسمية، ولغرض التسلية، بعد أن أصبحوا يقضون ساعات طويلة في سياراتهم، وغالبا بسبب سوء حركة المرور. وقالوا ان ما يؤلمهم بحق بخل الإذاعة عليهم بأي تهنئة، ولو مرة في السنة، بأعيادهم الوطنية، أو الدينية… نكرر ولو مرة في السنة، ويستغربون من هذا التصرف غير المبرر من وطن الإنسانية. فهدف البث الإذاعي بلغات أجنبية يهدف أساساً الى كسب محبة المقيم بيننا لقضايانا، وبالتالي كيف يتساوى ذلك مع رفض تهنئتهم بأعيادهم، التي لها بلا شك مكانة كبيرة في قلوبهم، ولو بتخصيص عشر ثوان فقط… في السنة؟!
لم اصدق الخبر، وقمت بالبحث في الأمر، فتبين لي أن المساحة الجغرافية التي تغطيها الإذاعة تشمل معظم أنحاء العالم شرقاً وغرباً، وحتى أستراليا وشمال وجنوب أميركا، إضافة إلى الدول العربية والشرق الأقصى وشرق وجنوب شرق آسيا، ويتم البث باللغات العربية والأوردو والفارسية والإنكليزية.
كما قمت، بعد التيقن من الخبر «النحيس»، بالاتصال بمسؤولة البث الأجنبي في الإذاعة، وشرحت لها ما يضايق المستمعين، وكيف أن من الجميل قيام الإذاعة، ولو لدقيقة واحدة في العام الواحد، التطرق لأعياد الآخرين، أو مناسباتهم الوطنية وتهنئتهم عليها، ليس فقط من منطلق كسب قلوبهم، بل وايضا من منطلق الذوق العام. فكيف نخاطب الفلبيني 365 يوماً كل عام، وعندما يحل عيده لا نقدم تهنئة له؟ فقاطعتني متسائلة: هل تقصد مباركة المسيحيين بعيد الكريسماس مثلا؟ فأجبت: مثلا! فقالت، بنبرة قاسية وجافة: ان هذا لن يحصل وان الإذاعة كويتية ودين الدولة الإسلام وليس من وظيفتها، لا هي ولا الإذاعة، تقديم التهنئة للغير! فبادرتها قسوة في القول على موقفها الغريب، بعد أن تبين لي أنني أمام «نحاسة» يصعب التغلب عليها.
ليس لدي اعتراض على منطقها فهذه عقليتها، ولا ألومها في ظل غياب التوجه الحكومي الواضح، ولكني حزين على هذا التخبط في السياسات والاتجاهات، بحيث لا يعرف الموظف، وخاصة المتشدد فكريا ودينيا، ان عليه تنفيذ سياسة الدولة وليس رغباته وأهوائه الشخصية.
نتمنى على المسؤولة الأولى عن البث الأجنبي، ووكيلة الوزارة الجديدة الأخت منيرة الهويدي، التدخل وجعل البث الإذاعي أكثر طراوة وإنسانية.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top