تغريدة تركي الحمد

على الرغم من علاقتي المستجدة والمتقطعة مع «تويتر»، فإنني قرأت تغريدات كثيرة، منها الذكي والجميل، ومنها الغبي المنحط، ومنها الحسن ومنها المسيء، ولكن لم أقرأ تغريدة بغباء وسخف ما كتبه شخص مثل الروائي السعودي تركي الحمد. بدأت القصة عندما انتشر خبر تعلق برفض بعض المواطنين القادمين من إيران فكرة وضعهم في «الحجر الصحي» للتيقن من خلوهم من فيروس كورونا القاتل، محاولتهم التملص من الحجر حق يتسم بقدر كبير من عدم الفهم للظروف وما يشكّله المرض من خطر عليهم وعلى أحبتهم وأهاليهم، قبل غيرهم. وللسلطات الصحية الحق بنفس القدر رفض مطالب هؤلاء، واستعمال القوة الجبرية معهم، إن تطلب الأمر ذلك، لفرض الحجر الصحي عليهم، فالصحة العامة أهم من رفاهية بعض الأفراد. سمع «تركي الحمد بالخبر فغرد بالتالي: «لا أدري.. ولكن أليس من المحتمل ألا تكون المسألة عناداً، وأن يكون (تكون) لديهم «أوامر» إيرانية بذلك؟ لا أستغرب من الملالي أي شيء».

***

على الرغم من أن التغريدة سمجة جداً ومثيرة للغثيان النفسي قبل الجسدي، فإنها أيضاً غبية، أو ربما تثير النعرات الطائفية بين مكونات المجتمع، وهذا ما لا نتمناه. فلو افترضنا صحة تلميحات تركي من أن هؤلاء القادمين من إيران مرضى، ويعلمون يقيناً أنهم يحملون «فيروسات الكورونا»، ورفضهم الحجر الصحي نابع من عدم رغبتهم في انكشاف وضعهم أو حالتهم، لأن لديهم «أوامر إيرانية» بنشر المرض في الكويت، فهذا يعني أن هؤلاء سيذهبون لبيوتهم، ولن يهيموا في الشوارع ناشرين المرض على «أعداء إيران ونظامها، وسيكونون وأسرهم أول ضحايا الإصابة بالمرض». كما لا يمكنهم توجيه الفيروس ذاتياً ليصيب «السنّة» مثلاً ويترك الشيعة من المواطنين والمقيمين. وفوق ذلك لا أدري ما مصلحة إيران، وملاليها، في نشر هذا الوباء في الكويت أو في غيرها، فهل يعيش الإيرانيون في كوكب غير كوكبنا؟ ما كتبه أو استنتجه تركي ذكرني بما سبق أن قاله صدام، الغبي، يوماً من أنه سيحرق «نصف إسرائيل» إن تعرض العراق للعدوان، متناسياً، بجهل واضح، أن النصف الذي سيحرقه، يعيش فيه أيضاً ملايين الفلسطينيين! فليس هناك صاروخ يميز بين العربي واليهودي! وهو الوضع نفسه مع فيروس كورونا.

***

كنا نتمنى من كاتب معروف مثل تركي الحمد أن يقف معنا في نفس خندق الدفاع عن العقل والحريات، ومحاربة قوى الجهل من خلال التصدي لكل الأنظمة الدينية المتخلفة، وليس أن يعطيها ما يمكن أن يكون وقوداً لزيادة شرورها. ولا نريد في هذه العجالة التعليق على تغريدات سخيفة وهابطة أخرى طالبت أولاها «بضرب» من يأتي من إيران حاملاً الفيروس! والثانية طالب صاحبها وزير الداخلية بالتعامل مع المواطنين، العائدين من إيران والعراق، الذين يرفضون الحجر الصحي، بالتحفظ، وتحويلهم إلى الجهات الرسمية! يعني التعامل معهم كجواسيس ربما. السؤال: هل تستحق العودة لكرسي البرلمان كل هذا الانحطاط في التعامل مع مآسي الوطن والمواطنين؟

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top