تقاليدنا والأزمة

قرر مجلس الوزراء عام 2018، بعد كارثة الأمطار، تكوين لجنة هدفها التحوط من وقوع الأزمات من خلال «بناء منظومة» للحد من المخاطر، الى جانب وضع خطط مسبقة لمواجهة أي أزمة أو كارثة والمخاطر الناتجة عنها، من خلال سرعة التنسيق والتعاون وتنفيذ الخطط بين الجهات المعنية بالدولة. وهذا كلام جميل وعظيم ومستحق. وأضافت مصادر المجلس حينها ان إدارة الأزمات لا تنتظر وقوع الأزمة، ولأن الحد من آثار أي أزمة لا يتم حينما تحدث، وتلافي الآثار الناجمة عن الأزمات لا يكون من خلال انتظار رد الفعل، ولكن يكون أيضا من خلال التصور المسبق لها والاستعداد المبكر لحدوثها. ونجاح اللجنة يتطلب كفاءة العناصر البشرية التي يستعان بها، وتكوين قاعدة متميزة من الكوادر التطوعية في مجالات الطوارئ والأزمات والكوارث لدعم الجهود الحكومية للحفاظ على الأرواح والممتلكات العامة ومساندتها، فضلا عن تحديث الأجهزة والأدوات اللازمة طبقا لأحدث التطورات العالمية بما يتواءم مع طبيعة الكوارث والأزمات سواء الطبيعية أو غير الطبيعية، مع تأكيد أهمية توافر المعلومات. وهذا كلام أجمل. ويستكمل الخبر نفسه بقيام مجلس الوزراء بتحديد أسماء أعضاء اللجنة، وبينهم من يستحقون منا كل احترام، حيث وفر لغير حامليها جوازات سفر خاصة ومكافآت مجزية. كما حرص المجلس على أن تضم اللجنة ممثلين عن الوزارات المعنية والإدارات الحكومية وممثلين أيضا عن المحافظات وبعض الهيئات التي لها علاقة. انتهى الكلام الرائع. ولكن بعد ما يزيد على العام لم تقم اللجنة بشيء يذكر سوى القيام في يوليو 2019 بزيارة، تحت قيادة ابن رئيس الوزراء حينها، لبريطانيا للاطلاع على أحدث التطورات في مجال إدارة الأزمات وتخطيطها للاستجابة الفعالة في حالات الطوارئ، ودعم عملية تبادل المعلومات واكتساب الخبرات العالمية في هذا المجال. وقد ضم الوفد، إضافة الى وكيل الشؤون الأمنية والاقتصادية و«شؤون الالتماسات» (!) بديوان رئيس مجلس الوزراء، رئيس الأركان العامة، ووكيل الداخلية، ووكيل الحرس،، ومدير عام الإطفاء، حيث قاموا هناك بإجراء مباحثات أمنية وعسكرية ناجحة مع الجانب البريطاني، وشملت جولة الوفد اسكتلندا وغيرها. كما تضمنت لقاءات الوفد زيارة للجنة الأمن والاستخبارات والالتقاء بأمين سر لجنة الطوارئ المختصة بتقديم الحلول والأبحاث، حيث استمع الوفد إلى إيجاز عن الإجراءات الوقائية المتخذة والتدخل السريع بمعالجة الخلل وأساليب العمل والأنظمة المستخدمة لتحقيق أكبر قدر ممكن من تقليل الخسائر. وتم عرض إيجاز عن كلية تخطيط الطوارئ، حيث تعرف على دورها في إدارة الطوارئ والأزمات واستمرارية الأعمال والإدارة الإلكترونية، والتدريب على كيفية الاجراءات بتقليل الخسائر العامة وتقديم الاستشارات، ويضم المركز خبراء في الأزمات والكوارث يعملون عن كثب مع المنظمات المختلفة، ويقدمون الخدمات للقطاعين العام والخاص في المملكة المتحدة وأنحاء العالم. هذا كان كل ما سمعناه وعرفناه عن اللجنة وعملها. وفجأة تدخل البلاد بكاملها في أزمة بحجم الكارثة، وهي الأكبر بعد كارثة الغزو، ومع هذا لم يسمع أحد شيئا عن عمل لجنة الأزمات، وربما السبب أن هذا ليس عملها، أو أن دورها لم يحن؟ volume 0% نتمنى أن نسمع تفسيرا أو تبريرا من أحد أعضائها، وبينهم من نحب ونحترم، لهذا الغياب الكبير. ولا يعني ذلك اعتراضي على طريقة إدارة الأزمة حاليا، فهي الأفضل في ظل قدراتنا على العمل وفي الاختيار.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top