إلى متى السكوت عنهم بالرغم من عظيم خطرهم؟

لا أعرف لماذا فوجئ البعض بخبر تآمر الإخوان المسلمين على أوطانهم؟ ولا سبب كل هذه الضجة المثارة بعد تسريب تسجيلات القذافي، وثبوت تآمره وبعض قوى الإسلام السياسي على قلب أنظمة الحكم في المنطقة... فهل كان الامر سراً لهذه الدرجة؟ يقول مبارك الدويلة، الذي يصف نفسه بعضو المكتب السياسي لمكتب الإخوان المسلمين في الكويت، في مقابلة تلفزيونية: «نحن إخوان مسلمين الكويت، نعم «حنا» إخوان مسلمين الكويت... نعم لنا تنظيمنا، ولكننا «مرتبطين» تنظيميا بالتنظيم العام للإخوان المسلمين(!!)».

***

توجد في الكويت عدة تنظيمات سياسية، غالبيتها لا تعلن أجندتها أو أهدافها بوضوح، منها أحزاب سلفية وأخرى تمثل الطبقة التجارية وثالثة ليبرالية ورابعة شيعية من هنا وهناك، وغير ذلك. وبالرغم من الغموض الذي يلف غايات وحقيقة انتماءات غالبيتها، فإنها، حسب الظاهر لا تسعى للانقضاض على الحكم، والاستيلاء عليه، بل تسيرها أهداف عقائدية أو مصلحية، وحدهم جماعة الإخوان المسلمين، الأكثر تحركا ونشاطا وقوة على الساحة، أعلنوا صراحة عن أهدافهم وانتماءاتهم. فكونهم جزءا من التنظيم الدولي فإن هذا التنظيم لم يحاول يوما أن يخفي أن هدف الاخوان الأهم هو إعادة «الخلافة الراشدة»، وتعيين المرشد، الذي يدين له الإخوان بالسمع والطاعة، خليفة على المسلمين. وحيث ان إخوان الكويت جزء لا يتجزأ من التنظيم الدولي، بشهادة زعمائهم، فمن المفروغ منه أن دولة الخلافة التي يسعون لتأسيسها، على أنقاض الخلافة العثمانية، لن تكون في الصين أو زيمبابوي بل في أوطاننا، وهذا لا يمكن ان يتحقق بغير القضاء على «الأنظمة الحالية» وبناء دولة الخلافة على انقاضها، هذا هدف الإخوان المسلمين، كان ولا يزال وسيبقى، فكيف يمكن فهم الموقف الحكومي المتخاذل منهم، وفوق ذلك تسليمهم الكثير من مفاصل الدولة المهمة، وتبرير ذلك بأن الحكومة قادرة على القضاء عليهم وقتما شاءت، وقد نكتشف قريبا إن هذا وهم، ومطلب لا يسهل تحقيقه، إن قويت شوكتهم أكثر. أتساءل فقط: لو أعلنت دولة في العالم أنها لا تعترف بالكويت كيانا سياسيا مستقلا فهل سنقيم العلاقات الدبلوماسية معها؟ الجواب لا، بطبيعة الحال! وهذا هو موقف الإخوان بالضبط، فهم لا يعترفون بأنظمة جميع الدول الإسلامية التي ينشطون فيها، لأنهم بكل بساطة يعتقدون بأنها أنظمة فاسدة وكافرة ويجب اقتلاعها وبناء دولة الخلافة مكانها. وبالتالي فإن السكوت عنهم يشكل خطرا محققا على الدولة، ويصبح الأمر مدعاة أكثر للقلق عندما نعلم بأن قوة الإخوان بازدياد، محليا وعالميا، بخلاف انحسار نفوذهم في دول الخليج، عدا قطر، فهو متواجدون في أكثر من 70 دولة، ولديهم أموال طائلة، وعلاقات مع مخابرات عدة دول، ولن يتخلوا عن حلم «دولة الخلافة»، فما مبرر عدم حظر وجودهم كليا، كما حصل في السعودية ومصر والإمارات وغيرها؟ ربما يقول قائل إنهم جزء من اللعبة السياسية، والحكومة تستقوي بهم في صراعها مع معارضيها، ولكن «الإخوان» ليسوا حركة سياسية تؤمن باللعبة الديموقراطية بحيث يمكن تقريبها وإبعادها عن السلطة حسب الظروف السياسية، بل تنظيم عقائدي معقد وله مؤيدون وعمق، ولا يتحرك إلا في اتجاه واحد يخدم غرضه النهائي وهو «استلام السلطة»! لقد تساهلت الحكومة معهم كثيرا فسلمتهم التربية فخربوها، وسلمتهم الإعلام فخلفوه، وسلمتهم المالية فلعنوا أسلافها، وسلمتهم الكهرباء فنهبوها، وسلمتهم الأوقاف فعاثوا فيها فسادا، مما دفع الحكومة لإحالة العشرات من مسؤوليها للتحقيق. إن الظروف المحلية والإقليمية مواتية تماما لحظر هذا التنظيم، فهو في أضعف حالاته محليا، وكل فائدة تعتقد الحكومة أنها تعود عليها من استمرار بقائهم لا تتناسب ابدا مع خطرهم الحالي والمستقبلي. 

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw



الارشيف

Back to Top