الشريعة والعقول الحجرية

كلما خطونا نصف خطوة باتجاه التقدم والحضارية والعقل والمنطق، جاءت قوى التخلف لتعيدنا خطوات إلى الوراء، ولعصر ولّى وانتهى.
***
ظهر نائب في كامل ملابسه الغربية، المنسوجة والمخاطة والمكوية والمحضرة في مصانع دول الكفر، وبهيئته شبه المتماشية مع العصر، بخلاف لحيته «العقائدية» الكثة التي لا تتماشى مع عصره، بل مع مواقفه ومنطقه فقط، ليخبر وسائل الإعلام، من وراء بوديوم مجلس الأمة، أنه سوف يتقدم للمجلس باقتراح قانون يمنع صدور أي قانون مستقبلاً ما لم يكن متماشياً مع الشريعة الإسلامية (تاني؟).

لا أدري من أين يأتي «بياعو الكلام» هؤلاء بمثل هذه المقترحات التي أكل الدهر عليها وبلع وشرب وارتوى منذ عقود؟!

أولاً، ولعلم النائب د. «المطيري»، فإن حكومتنا «الفاضلة جداً» قامت قبل أربعين عاماً تقريباً بإنشاء «لجنة دائمة» لإعادة النظر في كل القوانين الصادرة، ومراجعتها وأسلمتها..!!

بعد أربعة عقود، وصرف عشرات ملايين الدنانير، ذهبت لجيوب مجموعة من الفضلاء، من دون أن يقوموا بفعل شيء، قررت الحكومة تصفية اللجنة الدائمة وجعلها كأنها لم تكن، لأنها عجزت، بالرغم من كل «العقول الكبيرة» التي وجدت فيها، عن فعل شيء، غير تقديم دراسة عن كيفية محاربة أطباق التقاط القنوات الفضائية، واقتراح آخر يتعلّق بحل المشكلة الاقتصادية، ولا شيء تقريباً غير ذلك، بعد أن حصلوا على الملايين في شكل رواتب ومكافآت وسفريات فخمة، مقابل تقديم.. لا شيء!.

ثم يأتي اليوم نائب فطحل ليكرر طلب سماع الأسطوانة المشروخة نفسها.

ثانياً: تتبع الكويت رسمياً المذهب المالكي. وهناك اعتراف آخر بالمذهب الجعفري الاثنى عشري، وللجهتين محاكم شرعية.

ولكن هناك نسبة كبيرة من المواطنين تتبع مذاهب أخرى كالشافعية والحنبلية والمالكية، ولمقدم الاقتراح بالذات «رأي لا يسر» فيها كلها، كما لغيره آراء مختلفة أخرى. فلو تكونت لجنة داخل مجلس الأمة لمراجعة أي قانون يقدم للمجلس قبل إقراره للتيقن من أنه يتفق مع الشريعة، فكيف سيتم اختيار أعضائه، وعلى أساس أي مذهب؟

وماذا لو كان هناك نص في قانون جديد مقبول سنياً، مالكياً، وغير مقبول لا شيعياً، ولا من المذاهب الأخرى، فهل سيفرض شرعياً على الجميع؟

لقد تعبنا ونحن نطالب بمدنية الدولة، وترك أمور الأحوال الشخصية للمحاكم الشرعية، فالوقت وقت علم وتقدم والسعي للحاق بالأمم الناهضة، فأي موقف مثلاً سيتخذه أعضاء لجنة مراجعة مدى تماشي قانون جديد مع الشريعة، إن تعلّقت إحدى فقرات القانون بالتعامل مع دواء سينقذ البعض من الموت، ولكنه يتضمن مثلاً مواد محرمة دينياً؟

لقد تعبت بالفعل، وهذا التعب دفعني إلى عدم تكملة المقال، فبعض العقول التي نخاطبها هي والحجر سواء!

ملاحظة:
سمو رئيس الوزراء

قام أحد أبناء أسرة الصباح، مدير جهة حكومية، بتوجيه صفعة لرجل أمن، علناً، وكسر هاتفه النقال. سجل الحادث على وسائل التواصل وشاهده الملايين.. نتمنى على سموكم التدخل، كيلا يتحول هذا الوطن الجميل لغابة! ونسأل في السياق نفسه: أين جمعيات ومجلس حقوق الانسان من هذه الجريمة، أم هي هياكل خاوية؟

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top