جذبة جبيرة


نعيش، حكومة ومجلسا وشعبا، جذبة جبيرة، او اكذوبة كبيرة منذ نحو 15 عاما، وتتمثل في وجود «اللجنة الدائمة العليا لاعادة النظر في القوانين والعمل على أسلمتها»!
قمنا، بعد مرور سنة تقريبا على انشاء اللجنة، بانتقاد عملها لخلو قانون تأسيسها من موعد محدد تنهي فيه مهمتها ضمن اطار عمل محدد. وقلنا وقتها، وكررنا القول في مقالات تالية، ان هذا يعني عدم جدواها بالمطلق كوننا نعيش في مجتمع مدني محكوم بقوانين موضوعة ومتفق عليها من قبل اطراف الدولة والمجتمع، وان اي مس بمجمل القوانين المدنية الراسخة، والسائد مما يماثلها في جميع دول العالم يعني خلخلة اسس المجتمع وهز العلاقة بين مجاميعه لمصلحة قوى الردة والتخلف.. والفوضى!
كتاباتنا عن اللجنة لم تجد اي تجاوب من المعنيين منذ اليوم الاول، ولكننا، وحتى اللحظة، لم نسأم الكتابة في هذا الموضوع، على الرغم من شكنا في ان الحكومة تقرأ، وان فعلت، فغالبية اعضائها لعدم الفهم اقرب، وان كانوا غير هذا وذاك فهم، حسب الظاهر، غير مبالين!
وقد قيل، في معرض تبرير تأسيس اللجنة وبقائها واستمرار وجودها كل هذا الوقت، انها صمام الامان «الحكومي» امام اي مطالبة نيابية تهدف الى تعديل اي من مواد الدستور او محاولة «اسلمة» القوانين، وليس العكس! ولكننا نعرف والحكومة تعلم والنواب يدركون ان هذا تبرير واهٍ ولا يستند الى أي منطق، وغير كاف اصلا لوجود وبقاء لجنة كل هذا الوقت وبهذه الكلفة المالية الباهظة! علما بأن وجودها لم يمنع مشرعينا الاشاوس من اقتراح واقرار الكثير من القوانين واللوائح والانظمة المقيدة للحريات الكاتمة للانفاس الضاغطة على القلوب الكارهة للبسمة والفرحة. كما ان اللجنة، وبشهادة كبار القائمين عليها، لم تقم بأكثر من الانشغال بمكافآت ورواتب ومنح العاملين في لجانها، ودراسة مخططات مبناها الجديد والفخم والاتفاق على كيفية توزيع مكاتب كبار اعضائها وموظفيها ونوعية اثاث مكاتبهم، وغير ذلك من الامور الروتينية، وقامت بذلك بعد ان انتهت «تماما» من تدبيج نصوص عدة مشاريع ورقية تتعلق بكيفية التصدي لعلاج المشكلة الاقتصادية، وطرق مواجهة ظاهرة الاطباق اللاقطة للقنوات الفضائية، وغير ذلك المسائل اللامصيرية!
نعم، لم نسأم الكتابة عن لجنة جعلت الدولة برمتها تعيش كذبة كبيرة كلفتها حتى الآن اكثر من مائة مليون دولار، ومع هذا لم تقدم شيئا يذكر، ولم تمنع تأسيس البائس من اللجان، والكئيب من الانظمة والقوانين الضاغطة على الحناجر والصدور!
هل سنجد يا ترى ما يكفي من الشجاعة والمنطق في قلب وعقل سمو رئيس مجلس الوزراء، وفي قلب وزير الديوان الاميري ليوقفا هذه المهزلة مرة واحدة.. والى الابد؟ ولا نخالهما الا مالكين لها.

الارشيف

Back to Top