قناة أسرية دينية

كعادة كل مؤتمراتنا، سواء كانت 'قومية' او دينية، فإن ما يخرج منها لا يتعدى التوصيات التي عادة ما تنسى بمجرد قيام الوفود من مقاعدهم في حفل الختام! 'الملتقى التنموي الخليجي' الذي عقد في الكويت اخيرا لم يشذ عن القاعدة، فقد أوصى بإنشاء قناة فضائية متخصصة بالأسرة وأوصى بتأسيس مركز للتدريب والدراسات. وأوصى بعمل برامج تدريب وتأهيل لحل المشكلات الأسرية والوقاية من حدوثها مستقبلا.
يبدو واضحا ان من يضع التوصيات يعلم جيدا ان غالبيتها، ان لم تكن كلها، سوف لن ترى النور. ولكن ماذا لو دقت الكويت الصدر هذه المرة بسبب هيمنة القوى الدينية، وليس وزارة الشؤون الاجتماعية، على اعمال مؤتمر يتعلق بمشاكل المجتمع والأسرة (!!)، وتعهدت بالتبرع لإنشاء قناة أسرية؟
السيد مطلق القراوي وكيل الاوقاف للاعلام والحج، ورئيس المؤتمر كان واضحا في تأييده لهذا الاقتراح، فهو على علم بأنه، كما نجح في انتزاع 50 مليونا من الحكومة لإنشاء مركز هلامي وغامض يختص بتثقيف العالم بما تعنيه الوسطية، بإمكانه كذلك انتزاع ما يماثل هذا المبلغ لإنشاء قناة فضائية! والذي سيحدث، بعدها هو سيطرة الاتجاه الديني الذي يمثله وزير ووكيل الاوقاف على القناة. وسوف نرى جميع برامجه محجبة وسيغلب عليها طابع تفسير الاحلام والطبخ وكيفية ارضاء الزوج 'دينيا' في الفراش وغير ذلك من قصص المخادع! وبما ان عددا من دول الخليج الاخرى ستساهم باستحياء في موازنة القناة فسيكون لها هي ايضا دور في فرض توظيف من تشاء من جماعتها في القناة، وبالتالي سينتهي مصير هذا المشروع لأن يصبح اداة دعائية مجانية لمخططات وأفكار حزب الاخوان المسلمين غير المعلن في الكويت.
ولكن ماذا عن مصير اكثر من ستة ملايين آسيوي يعيشون بيننا في دول الخليج، وبالذات من شبه القارة الهندية والفلبين؟ هل فكر احد في انشاء قناة فضائية لهؤلاء تتولى اطلاعهم على ثقافاتنا وقوانين البلاد وتقوم بتقديم فنونهم وأفلامهم ومشاركتهم اعيادهم، ومن خلال ذلك نطلعهم على ما يحدث في المجتمع من جرائم وخطورة ارتكابها وما يطبق من احكام على مرتكبيها؟
لا.. طبعا، فهذا آخر هم الجماعات الدينية فيما يتعلق بالجاليات الآسيوية، التي انحصرت اهتماماتها بها في هداية بوذي فقير او فلبيني لا حول ولا قوة له ومن ثم تصويرهم وهم يبكون من الألم، والسبب معروف، ومن ثم لصق صورهم على مختلف حافلات الركاب والسير بها في الشوارع والسكيك، وكأن هذا الدين الذي يتجاوز أتباعه المليار بحاجة لمثل هذا النفر القليل من المهتدين!

الارشيف

Back to Top